قد يمر الخبر عاديا، ويتوارى وسط زحام الأنباء، ويضيع في خانات آخر الأخبار على منصات المواقع الإلكترونية، لكن بعضا من القراءة المتأنية وقليلا من التدقيق في الخبر، تفتح شيئا من قيمة الفعل الذي حمله خبر دعوة محمد عبد النباوي الرئيس المنتذب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، الى قضاة المملكة بالتصريح بالممتلكات، و الإسراع على تفعيل القانون و إعطاء القدوة لكافة مسؤولي الدولة في الإلتزام بتنفيذ القوانين و من أكثرها صعوبة في التنفيذ لأنها تمس شفافية المسؤول و نزاهته و تفتح عليه أبواب جهنم إذ كان غفر الله له من الفاسدين و المفسدين و المرتشين…
هذه المؤسسة الدستورية القيمة تعطي المثال في النزاهة و القيم و الانضباط للقوانين، وتحرص على زرع بذور المبادرة الفعلية في تكريس الاستجابة للقوانين، خلافا لما نراه في مؤسسة تشريعية اعتقد انها الأولى بتنفيذ القوانين و اعطاء القدوة في الاستجابة للتصريح بالممتلكات، والقطع من مظاهر الثراء الفاحش و السريع و الغريب في سنوات النيابة بمؤسسة البرلمان، وغريب أن نجد المؤسسة التشريعية اعضائها يتهربون من التصريح بالممتلكات، في حين تسارع مؤسسات قضائية اتنفيذ القوانين و الاستجابة للفعل القانوني بعيدا عن المزايدات و البروبغندا و الاشهار المجاني لفعلها القانوني و الوطني.
لا شك أن تاريخ 15 فبراير من سنة 2010 منذ دخول منظومة التصريح الإجباري بالممتلكات حيز التنفيذ، سبقى مؤرقا لبعض الفاسدين المستغلين لمناصب المسؤولية من أجل الاغتناء على حساب أموال دافعي الضرائب و حساب اموال الدولة، متناسين ان الغاية من هذه المنظومة القانونية هو تخليق الحياة العامـة وتكريس مبادئ المحاسبة والشفافية وحماية الأموال العمومية ، غير ابهين بكون إلزامية التصريح بالممتلكات تعكس إرادة المملكة المغربية في إرساء وتوطيد قيم الاستقامة والنزاهة والمثالية، وذلك على غرار ما هو سائد في الدول الديمقراطية المتقدمة.
وهنا نجد ان المشرع المغربي اناط بالمجلس الأعلى للحسابات مهمة تلقي وتتبع ومراقبة التصاريح الإجبارية بالممتلكات. وقد كرس دستور 2011 هذا التوجه لا سيما الفصلين 147 و 158 الذين ينصان على التوالي الفصل 147 : “…تُناط بالمجلس الأعلى للحسابات مهمة مراقبة وتتبع التصريح بالممتلكات… و الفصل 158 : “يجب على كل شخص منتخبا كان أو معينا، يمارس مسؤولية عمومية، أن يقدم، طبقا للكيفيات المحددة في القانون، تصريحا كتابيا بالممتلكات والأصول التي في حيازته، بصفة مباشرة أو غير مباشرة، بمجرد تسلمه لمهامه، خلال ممارستها، وعند انتهائها.
وتتوزع الفئات الملزمة بالتصريح كما جاء في النصوص المنظمة للتصريح الإجباري بالممتلكات كالتالي الملزمون المزاولون لوظائف حكومية والشخصيات المماثلة، وهم رئيس الحكومة، الوزراء، الوزراء المنتدبون و كتاب الدولة عند الاقتضاء، الشخصيات المماثلة لأعضاء الحكومة من حيث الوضعية الإدارية ورؤساء دواوين أعضاء الحكومة أعضاء المحكمة الدستورية و نواب ومستشاري البرلمان و قضاة محاكم المملكة و قضاة المحاكم المالية و أعضاء الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري و بعض منتخبي المجالس المحلية والغرف المهنية و بعض فئات الموظفين والأعوان العموميين.
و التصريحات الإجبارية للممتلكات التي جاء بها القانون تنقسم إلى أربعة أنواع التصريح الأولي عند التعيين أو الانتخاب في إحدى المناصب المستوجبة لإلزامية التصريح، و التصريح التكميلي عندما تطرأ تغييرات علي وضعية ممتلكات بعض الملزمين قضاة محاكم المملكة، قضاة المحاكم المالية، بعض المنتخبين و بعض الموظفين والأعوان العموميين، و تجديد التصريح الذي يتم في شهر فبراير كل سنتين أو 3 سنوات حسب الحالة، و التصريح الذي يلي انتهاء المهام أو الانتداب لأي سبب باستثناء الوفاة.
و للتذكير ان عدم احترام إلزامية إيداع التصريح الإجباري بالممتلكات، وكذا الآجال المحددة وما نص عليه الإطار القانوني المنظم للتصريح الإجباري للممتلكات، يعرض الملزم المخل إلى العقوبات المنصوص عليها في القوانين الجاري به العمل.