نبه حقوقيون الى خطورة إصرار الحكومة على سحب قوانين تحارب الإثراء الغير المشروع وتحارب الفساد و الرشوة، موضحين أن الحكومة عمدت إلي سحب مشروع القانون المتعلق بتتمیم وتغییر مجموعة القانون الجنائي من مجلس النواب، والمتضمن لمقتضیات تجریم الإثراء غیر المشروع، أمام سیاق یتسم باستشراء الفساد النسقي وتجمید الاستراتیجیة الوطنیة لمحاربة الرشوة.
وأوضحت منظمة “ترانسبرانسي” المغرب في بلاغ لها، أن هذا السحب أثار العديد من ردود الفعل حول دوافعه واعتباره محاولة من طرف الحكومة لإقصاء جریمة الإثراء غیر المشروع من التعدیلات المرتقبة في مشروع القانون الجنائي، إذ أكدت تصریحات وزیر العدل على الإذاعة الوطنیة ھذا المنحى، بالرغم من الغموض الذي طبع موقف الحكومة.
وأكدت المنظمة أن تجريم الإثراء غير المشروع أضحى ضرورة ملحة باعتبار وضعیة الفساد المزمن الذي تعرفه بلادنا، وأن إقراره يجب أن یتم وفقا للمبادئ الأساسیة للدستور والاتفاقیات الدولیة التي صادق علیھا المغرب وعلى أن مراقبة وتتبع التصریح بالممتلكات ھي الآلیة الأكثر ملائمة.
وشدت “ترانسبرانسي” على التمسك بالعقوبة السالبة للحریة في الإثراء غير المشروع، مع ربطھا بمصادرة الممتلكات حتى یتسنى لھذا التجریم اداء وظیفته الرادعة بالكامل، وعبرت المنظمة عن أسفها الشديد من مبادرة الحكومة في سحب المشروع، معتبرة أنها تتویج للتجمید الذي عرفه القانون منذ عرضه على البرلمان سنة 2015 ، وتعبیر عن لامبالاة الحكومة فیما یتعلق بإشكالیة محاربة الفساد المستشري ببلادنا، إن لم یكن تشجیعا للمستفیدین من الفساد وتبذیر المال العام، ودعت “ترانسبرانسي” الحكومة لتجاوز الغموض الذي يلف موقفها وأن تعبر عن نواياها وخطط عملها فيما يخص محاربة الفساد.
كما أعلنت “ترانسبرانسي” المغرب عن تقديم شكاية للنيابة العامة حول الصفقات غير القانونية لوزارة الصحة، وذلك تزامنا مع اليوم العالمي لمحاربة الرشوة، الذي يصادف يومه الخميس 9 دجنبر، وأوضحت أن هذه الشكاية تأتي في إطار متابعتهما للقضايا المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان، وخاصة تلك المتعلقة بالحق في الصحة، والحق في السلامة البدنية، ونضالهما من أجل احترام مبادئ الشفافية وحماية المال العام.
وكانت صفقات وزارة الصحة خلال تدبير جائحة كورونا، قد أثارت الجدل، في الوقت الذي كشف فيه تقرير برلماني وجود اختلالات شابت تدبير الصفقات التفاوضية للوزارة، والتي بلغت 333 صفقة لمواجهة الجائحة، وأكد تقرير مهمة استطلاعية بمجلس المستشارين وجود خروقات قانونية للمبادئ والقواعد الأساسية لإبرام الصفقات العمومية، وهو ما ينبغي أن تترتب عليه مسؤولية قانونية.
وسجل التقرير أن وزارة الصحة وخلافا للقانون قامت بمنح صفقات تفاوضية لاقتناء مستلزمات طبية ومستحضرات لشركات مجهولة لا تتوفر على شواهد التسجيل، فضلا عن ازدواجية تعاملها مع طلبات تسجيل المقاولات، وضربها قواعد المنافسة الحرة والنزيهة، واشتغال مقاولات في مجال الأدوية والتجهيزات الطبية دون تراخيص، ومنح صفقات لشركات غير مرخصة.
ورصد التقرير ما يؤكد بشكل لا لبس فيه محاباة بعض الشركات على حساب أخرى في الطلبيات العمومية، فضلا عن إبرام، مع التأخر في إبرام وتنفيذ الصفقات، بشكل عطل السلطات الصحية عن مواجهة الجائحة في الوقت المناسب، وهو ما عرض صحة المواطنين والعاملين للخطر إزاء هذا التأخر غير المبرر.