اقترحنا في افتتاحيات عديدة مخارج للأزمة التي يعيشها المغرب الناتجة عن غلاء الأسعار، التي تحولت إلى موضة، واليوم جاء من يدعم مثل هذا الكلام، حتى داخل قبة البرلمان، اقترحت المجموعة النيابية للعدالة والتنمية صندوقا لمواجهة موجة الغلاء، على غرار الصندوق الذي أمر جلالة الملك محمد السادس بإحداثه خلال أزمة كورونا، لكن لما عدنا إلى الماضي القريب جدا، وجدنا أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أصدر في نونبر الماضي توصية بإحداث صندوق لمواجهة الصدمات الكبرى للأسعار.
رغم أن الطريقة التي اقترحها المجلس لا تبدو جيدة لأنها يمكن أن تخضع للتلاعب، لكن الفكرة تبقى جيدة، وكنا في افتتاحية سابقة تطرقنا إلى موضوع خطير يتعلق بهاشتاغ على مواقع التواصل الاجتماعي يوجه نداء لجلالة الملك من أجل التدخل للحد من موجة الغلاء، وقلنا حينها إن الدستور يمنح الحكومة صلاحيات كبيرة وواسعة ومتعددة، وهي المسؤولة الأولى والأخيرة عن التنفيذ وبالتالي هي التي تمتلك صلاحية التحكم في الأسعار.
الفكرة الجديدة اليوم هي إمكانية إحداث صندوق بأمر من جلالة الملك محمد السادس لمواجهة الصدمة الكبرى للأسعار، يتم تمويله عبر تمويلات المتبرعين من كبار التجار وحتى من قبل المواطنين الذين يستطيعون إلى ذلك سبيلا، كي يتم مواجهة الغلاء عبر التدخل لدى الفاعلين مباشرة وتوجيه دعم للسلع حتى تبقى على أسعارها في السوق أو التخفيف من موجة الارتفاع المهول في الأسعار.
ما يهمنا من كل ما سبق هو أن الحلول لموجة الغلاء ممكنة، ويمكن للحكومة أن تتخذ كثيرا من الإجراءات، حتى لا يرفع المواطن مطالبه لجلالة الملك، الذي يحرص كامل الحرص على احترام الدستور والاختصاصات والصلاحيات، بينما تتخلى الحكومة عن صلاحياتها بل تتخلى عن مهامها المخولة لها، وقضية الصندوق واحدة من الحلول الممكنة.
ولما طرح كثيرون ومنهم نحن في هذه الصحيفة إمكانية تخفيض الدولة للضريبة وتخفيض الشركات لهامش الربح، فكان ذلك يدخل في إطار الحلول الممكنة، حيث يمكن أن يتم بيع لتر من الغازوال بأقل من أربع إلى خمسة دراهم ناقص الثمن الحالي، وسيخفف ذلك عبئا كبيرا على المجتمع.
لكن تبقى فكرة إنشاء صندوق خاص بمواجهة موجة الغلاء، بتعبير العدالة والتنمية، ومواجهة الصدمة الكبرى للغلاء، بتعبير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، فكرة قابلة للإنجاز ويمكن تنزيلها على أرض الواقع، ويمكن أن يتم تمويله خارج ميزانيات الوزارات أو بتحويل بعض النقط لتمويله أيضا، لكن إذا تم تمويله من قبل أثرياء المغرب فسيكون الأمر جيدا، لأن كثيرا من مليارديرات المغرب بنوا ثروتهم من المال السهل، وبما أن الضريبة على الثراء غير موجودة في المغرب فليس عيبا أن يساهم هؤلاء طواعية أو حتى كرها في صندوق من هذا النوع، على أن يتم التدخل مباشرة في السوق للحفاظ على مستوى مقبول من الأسعار.