السلفية الجهادية والتعذيب والتاريخ… أحسن من أبدع قياس الغائب على الشاهد وليس العكس، ومن خلال ما هو متوفر بين يدينا اليوم نعرف مدى صدقية المزاعم والادعاءات السابقة، وعلى هذا المنوال نتفاعل مع قضية سجناء السلفية الجهادية، حيث خرجت عشرات الأشرطة تتحدث عن تعذيبهم داخل السجون، لكن بعدما خرجوا تراجعت أغلبيتهم عن ذلك الكلام وبقي متمسكا به شخص واحد أو إثنين يعيشان خارج المغرب ويتاجران به وفق أجندات منظمات تتحرش دائما بالمغرب.
ليس من خرج في الإعلام ليقول إننا كنا كاذبين هم من مجاهيل السلفية الجهادية، ولكن نتحدث اليوم عن حسن الخطاب، وهو زعيم تيار كامل ومتكامل داخل السلفية الجهادية، وله وثيقة مراجعات واضحة داخل السجن وبعد أن خرج من السجن، ومعروف بوزنه وسط أتباع هذا التيار، الذي خرج في فيديو يرد فيه على المعتقل السابق محمد حاجي، مخاطبا إياه بالأستاذ لأنها أحب الألقاب إليه، لكن من يعرف هذا التيار يعرف أن الخطاب متجذر على حاجب، وبالتالي فإن رده عليه ذو وزن كبير.
الخطاب قال إن كل ما قاله حاجب كذب وبهتان، والشيء نفسه قاله بوشتى الشارف وهو أيضا معروف جدا لأنه كانت له أشرطة وهو داخل السجن، يزعم فيها أنه تعرض للتعذيب، وكان الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالرباط أمر بإجراء تحقيق وعرض المستشكي على الخبرة الطبية غير أنه رفض ذلك، واليوم يعترف بعظمة لسانه أن ما وقع هو مجرد مزاعم لا أساس لها من الصحة، وأن السجناء المذكورين كانوا يستعملون السواك أو الصابون البلدي أو يحكون جلدهم مع الحائط حتى يظهر أنهم تعرضوا للتعذيب.
الشارف قال في فيدو بثه على مواقع التواصل الاجتماعي إن الغرض من ذلك كان هو إثارة الانتباه إلينا وربما إطلاق سراحنا، لكن الحقيقة مخالفة لذلك، أما رشيد المليحي فذهب بعيدا في القول حيث أكد أنهم كانوا يحسدون معتقلي السلفية الجهادية الذين يحملون جنسيات أخرى لأنهم كانوا مدللين عن باقي المعتقلين في الملف نفسه.
ما يهم اليوم هو تتابع الدلائل والحجج على أن الادعاءات والمزاعم، التي سبق لسجناء السلفية الجهادية أن أطلقوها وبنت عليها منظمات دولية مواقفها وتقاريرها لم تكن حقيقية وإنما مفبركة، وهي قرائن متواصلة ومتعددة ومن أشخاص لم يكونوا في الملف الواحد وبالتالي فإن قولهم يستحيل أن يكون متواطأ عليه.
خرج مجموعة يقولون إنهم فبركوا مزاعم التعذيب لأغراض كانوا يعرفونها وهم من فبركها قصد تحقيق المبتغى ألا وهو الخروج من السجن، واليوم هم خارج السجن ويقولون إنهم كانوا كاذبين ومفترين من أجل أغراض سيئة، فكيف يتسنى لشخص يعرف أن ما قام به كذب الاستمرار في الكذب بل تصديق الكذب كما يقال؟
ما قيل يعزز ما ذهب إليه المفوض الأممي حول السجون بأن التعذيب ليس سياسة ممنهجة ولكن هناك حالات معزواة تمت معاقبة مرتكبيها، لكن سجناء السلفية يشهدون أنهم كانت لهم امتيازات كبيرة. فهل سنعيد قراءة التاريخ؟