أكد الطيب حمضي الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية ، أن ” العديد من البلدان بدأت في إعطاء جرعة ثالثة من اللقاح للأشخاص المعرضين للخطر ” المستفيدون من زراعة الأعضاء، مرضى القصور الكلوي، بعض المرضى الذين يتلقون علاجات ضد السرطان…” من أجل حمايتهم من الأشكال الحادة لمرض كوفيد والوفاة بسببه، كما أعطيت الجرعة الثالثة خلال الأسابيع الأخيرة على نطاق أوسع لفئات أخرى مثل الأشخاص الذين تفوق أعمارهم 65 سنة والمصابين بأمراض مزمنة.
وأوضح حمضي، أنه من منظور طبي ومتعلق بالمناعة، معلوم أن المسنين والمصابين بأمراض مزمنة تضعف المناعة لديهم وهم أقل استجابة للتلقيحات بشكل عام مقارنة بالشباب وغير المرضى ، ومع ظهور الطفرات المتحورة، خصوصا متحور دلتا، تتراجع فعالية اللقاح حتى لو كان الأشخاص الملقحون بالكامل لا يزالون يتمتعون بحماية عالية جدا ضد الأشكال الخطيرة والوفاة.
و أظهرت دراسات أنه بعد ستة أشهر من التلقيح، تبدأ الأجسام المضادة في الانخفاض، على الرغم من أن الحماية لا يتم توفيرها فقط بواسطة الأجسام المضادة، ولكن أيضا بالمناعة الخلوية، خلصت الإحصاءات، على ضوء سجل الوفيات بسبب كوفيد – 19 منذ بدء عملية التلقيح، إلى أن 99,5 في المائة من الوفيات سجلت بين غير الملقحين، وبين 0,5 في المائة فقط من الأشخاص الذين حصلوا على التلقيح الكامل، هذا يثبت الحماية العالية جدا التي يوفرها التلقيح ضد الأشكال الخطيرة للفيروس والوفاة. ومن خلال تحليل حالات الوفاة النادرة جدا بين الملقحين، نجد أن مناعة كبار السن وحاملي الأمراض المزمنة يعتريها الضعف.
وحول الفئات ذات الأولوية في الحصول على الجرعة الثالثة، أكد أن الأشخاص الذين تفوق أعمارهم 65 عاما، والذين يعانون من أمراض مزمنة، نظرا لخطر الإصابة بأشكال خطيرة من مرض كوفيد-19. كما تدرج بعض البلدان مجموعات معرضة بشكل كبير لخطر التعرض المتزايد للفيروس، مثل المتخصصين في الرعاية الصحية والمعلمين والعاملين في السجون.
وأوضح أن أخذ الجرعة الثالثة، بعد 6 أشهر بعد الجرعتين الأولى والثانية، وسيتم إخطار الأشخاص المعنيين بواسطة رسالة نصية من الرقم 1717، موضحا أن دراسة حديثة أظهرت أن الأثار الجانبية ليست خطيرة ومماثلة للأعراض المصاحبة للجرعة الثانية مثل الألم في موضع الحقن والصداع وأحيانا الحمى، يمكن أن تكون الجرعة الثالثة من نفس نوع الأولى والثانية، كما يمكن أن تكون من نوع مختلف. بل يستحسن المزج بين نوعين من لقاح كوفيد-19 حيث يؤدي ذلك إلى إنتاج عدد أكبر من الأجسام المضادة مقارنة باستخدام نوع واحد من اللقاح.
وقال عز الدين الإبراهيمي، عضو اللجنة العلمية، ” تساؤلي هو كيف سنقنع المغاربة بالتلقيح بالجرعة الثالثة و قد فشلنا في إقناع الآلاف من المغاربة للتلقيح بالجرعة الأولى و الثانية؟”
وأضاف الإبراهيمي، في تدوينة فيسبوكية “في البداية يجب أن أعترف بأن غير الملقحين المغاربة ليسوا أبدا بجاهلين ولا أنانيين بل هم فقط مترددون في اتخاذ القرارات الطبية لأن هذه الخيارات غالبًا ما تكون معقدة و تمسنا في وجودنا و كينونتنا، و بأني أؤمن إيمانا راسخا بثقافة الاختلاف وبأنها ليست بالضرورة ظاهرة غير سليمة، لأن الإجماع ليس حتما ظاهرة صحية، والنقد في كثير من الأحيان أجدى وأنفع”، وتابع قائلا “يجب أن نقر أن غير الملقحين مواطنون سواسية كالملقحين في حب الله والوطن والملك. وبأن الغالبية العظمى من الأشخاص الذين يترددون في تلقي اللقاح لا يلتزمون بقضية معادية للعلم وليس لديهم أجندة خفية سياسية ولا مؤامرتي”، وزاد قائلا “ولكنهم ببساطة مترددين في اختيارهم لأخذ الحقنة من عدمه، وأن كورونا كانت فاجعة أتت بإكراهات لا تنتهي وزادت من تدافعاتنا السابقة بشحنة نفسية قاصمة، وبما أننا نعيش في حالة استعجالية ونفسية متدهورة يصعب التواصل بيننا مما جعلنا، نحن ذوي الاختصاص، لا نوفق في إقناعهم بالتلقيح، فيا ترى ما أسباب هذا الإخفاق، وعلاش مقدرناش نتواصلوا معكم بسهولة، وتابع قائلا “عموما يفشل الشخص في التواصل عندما يكون الموضوع شائكا، أو المخَاطِب غير متمكن من أدوات التواصل أو يجهل هوية المخَاطَب الذي يحاول التواصل معه فما بالك إذا كانت كل هاته المعيقات مجتمعة، وهذا هو واقع حال التواصل اللقاحي كما سأفصله”.
وسجل الإبراهيمي أن بيداغوجية التواصل الصحي تعتبر من أصعب البيداغوجيات الموجهة إلى الساكنة العامة، فبالفعل يمكنك أن تناقش وبسلاسة ميادين متعددة كالرياضة والسياسة والفن، ويصعب هذا كلما تعلق الأمر بالأمور الصحية والطبية لأنها تعتمد في تبيانها على كثير من المعطيات الفنية والتقنية. وهنا تلعب الثقة دورا كبيرا بين المخَاطِب و المخَاطَب، لأننا نتكلم عن صحة الإنسان ووجوده كمخلوق بشري، وهذه ثقافة جديدة نؤسس لها من خلال تبسيط المعطيات وتتطلب منك كمختص التواضع بأفكارك لإيصالها للجمهور العريض و حتى يتفهمك و يهضمها المواطن العادي، و للأسف فهذا التسويق الاجتماعي التحسيسي يتطلب مهارات لا يكتسبها كل أصحاب الاختصاص ومدبري الأمر العمومي، وهنا يجب أن نعترف”، وقال “بالفعل لا يمكن إقناع الناس إلا بفتح قنوات النقاش، واستعمال طرق تواصلية ناجعة، وليس فقط ببيانات للوزارة الوصية. لم يؤثث لها من قبل وغالبا ما تفتح الباب على مصراعيه لتأويلات متعددة ومتناقضة، ولا سيما أن البعض يرى اللقاح كإكراه، ونحن نعرف أن الفرد يكره الإكراه ويطلب ويطالب بالشفافية والأرقام والمعطيات قبل قبول أي قرار فوقي. أتفق معكم بأن إصدار بلاغ دون مقدمات لا يمكن اعتباره تواصلا بالمرة، ولا سيما إذا لم يكن دقيقا ولم يؤسس له مسبقا، غالبا ما يأتي بعد ذلك بلاغ لرفع اللبس، الذي غالبا ما يزيد من اللبس فنفقد بهذا التواصل الملتبس بعضا من مصداقيتنا ومن ثقة العامة فينا وحلها يا من وحلتيها بعد ذلك، ومما زاد الأمر عسرا، أن هذه المؤسسات غير متمكنة من وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة”.
وأكد الإبراهيمي أنه “بجانب الوباء، يحارب”وباءً معلوماتيًا” شرسا على الأنترنيت، مضيفا بالقول “لم يكن لكل المشككين أثر لو لم توجد منصات التواصل الاجتماعي، فقد أصبح بإمكان أي شخص أن يعطي لنفسه صفة خبير و يذهب في الاتجاه المعاكس، فيربح متعاطفين ويبني قاعدة جماهرية تعتمد دائما على نفس الوصفة، نمزج بين “بعض الحقائق وبعض من الخوف والتكهنات والشائعات”ونطبخها على نار من “الشكوك المستمرة والفجوات المعرفية”، ونكثر من بهارات ” انعدام اليقين والخوف من المجهول”، و النتيجة انتشار المعلومات المضللة بشكل أسرع من العدوى، فالكذبة يمكن أن تنتشر حول العالم بينما الحقيقة تلبس حذائها، وبالتالي خلق حالة من عدم الثقة والارتباك بشكل عام”.
وقال الابراهيمي، أظن أن التواصل هو أهم من اللقاح و الدواء في زمن الأزمة الصحية، و رغم كل هذه التحديات، فلن نتوان ونقعد عن التواصل مع الملقحين وغير الملقحين بحول الله، لأننا محتاجون لبعضنا البعض من أجل الخروج من هذه الأزمة، فرغم اختلافنا المؤقت و إلى حين حول موضوع اللقاح، فكل شيء يوحدنا حب الخير لهذا البلد، المصلحة العامة للوطن، العودة للحياة الطبيعية بسرعة، والتقليل من الخسائر البشرية، إن الصحة الجيدة دون رغيف الخبز “ليست بصحة”… كلنا نرنو لعيش كريم كمغاربة… في مغرب أفضل”.