دخلت حكومة سعد الدين العثماني “خندقا” ضيقا في الصراع على طريقة إنتخابات 2021، حيث أشعلت فتيل الخلافات السياسية حول “القاسم الانتخابي” و “العتبة”، ودفعت بزعماء الأغلبية الى حلبة المواجهة، جعلت الحكومة تسقط أمام حرب البيانات و التصريحات ، وبدل الجهد للدفاع عن مطلب الحزب حول الانتخابات المقبلة، والاستماتة في الدفاع عن مصالح الحزب الإنتخابية، و”رمي” الملفات الحارقة جانبا، ووضعها في رفوف الحكومة، والإهتمام بملف الإنتخابات.
وضرب “الجمود” ملفات الصحة والحالة والوبائية، ودعم المقاولات الصغرى المتضررة من أزمة وباء “كورونا”، ويتجه الصراع الحكومي على الإنتخابات، الى “إفشال” المخططات الإستراتيجية لإنعاش الإقتصاد وتوقف عجلة الإستثمار، وتوقف التشريع القانوني بالبرلمان، أمام “إنشغال” الحكومة والأحزاب بالصراع الإنتخابي السابق لأوانه.
ودخلت أحزاب الأغلبية من التجمع الوطني للأحرار، و الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، و الحركة الشعبية، و الاتحاد الدستوري ومن المعارضة الأصالة والمعاصرة، و حزب الاستقلال، الى المطالبة باستخراج القاسم الانتخابي من قسمة مجموع المسجلين في اللوائح الانتخابية على المقاعد في الدائرة الانتخابية، دون تمييز بين من شاركوا في الانتخابات، ومن لم يشاركوا فيها، وذلك بخلاف الطريقة المعمول بها في الانتخابات الماضية، حيث كان يتم استخراج القاسم الانتخابي بقسمة عدد الأصوات الصحيحة على عدد المقاعد.
وتطالب الأحزاب في الطريقة الأولى سيتم الحصول على قاسم انتخابي كبير، وبالتالي سيمنع الحزب الذي حصل على أكبر عدد من الأصوات من الحصول على أكثر من مقعد واحد في الدائرة الانتخابية، وهو ما سيحرم الأحزاب من عدد من المقاعد قد تصل إلى 36 مقعداً بالنسبة لحزب كحزب العدالة والتنمية، قائد الائتلاف الحكومي الحالي، فيما يستفيد باقي الأحزاب من مقاعد إضافية، أما في الطريقة الثانية، فإن الحزب الذي سيحصل على عدد كبير من الأصوات يمكنه حصد أكثر من مقعد في الدائرة الواحدة، بناء على قاعدة “أكبر بقية”، وهو ما كان قد تحقق في انتخابات 2016 حين ظفر حزب العدالة والتنمية ب 125مقعداً والأصالة والمعاصرة ب 102 مقعداً من أصل 395 مقعداً إجمالي مقاعد البرلمان.
من جهته وجه الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة عبد اللطيف وهبي، الى أعضاء الحزب توجيها يتعلق بالنقاش الدائر الذي يشهده الحزب هذه الفترة حول موضوع القاسم الانتخابي، حيث دعا “وهبي” قواعد الحزب، إلى عدم الانخراط في أية ردود فعل حول الهجومات غير الأخلاقية التي تتعرض لها قيادة الحزب بخصوص هذا الموضوع، ويأتي هذا التوجيه، بحسب بلاغ حزب الجرار ، بعد متابعة الأمانة العامة لحزب الأصالة والمعاصرة، “باعتزاز وتقدير كبيرين” ، ردود الأفعال والاهتمام الكبير المعبر عنهما من طرف كل مناضلات ومناضلي الحزب، تجاه النقـــــاش الذي يعرفه المكتب السياسي بشأن النقطة المتعلقة ب “احتساب القاسم الانتخابي” خلال الاستحقاقات القادمة.
ودعت الأمانة العامة، الى عدم الانخراط في أية ردود فعل حول الهجومات غير الأخلاقية التي تتعرض لها قيادة الحزب بخصوص هذا الموضوع، حيث أوضح توجيه البام ،الى أن المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة، يجري مشاورات موسعة داخل الحزب حول هذا الموضوع بالذات، وسيتخذ قراره قريبا بما تقتضيه المصلحة العامة وتعزيز الاختيار الديمقراطي لبلادنا.
وشدد اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والإشتراكية، على حرصه على الدفع في اتجاه توافقاتٍ واسعة بخصوص المنظومة القانونية المؤطرة لانتخاباتٍ تُفضي إلى تعزيز البناء الديموقراطي، و سجل إيجابا تقدم المشاورات المتواصلة بين مختلف الفرقاء المعنيين بخصوص المنظومة القانونية المؤطرة للانتخابات، ويؤكد حرص حزب التقدم والاشتراكية على الدفع في اتجاه إيجاد توافقاتٍ عريضة حول مختلف النصوص ذات الصلة، وذلك بالنظر لحاجة بلادنا إلى مقاربات سياسية إيجابية يُساهم فيها الجميع، بِــمَا مِن شأنه الرفعُ من المشاركة وتوطيدُ الثقة والارتقاءُ بمنسوب المصداقية وتقوية المؤسسات والبناء الديموقراطي.
وخرج عبد الله بووانو نائب رئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، لكشف رؤية “البيجيدي” عن صراع الانتخابات، مؤكدا أن “المستهدف من النقاش حول القاسم الانتخابي هو حزب العدالة والتنمية بدون لف ولا دوران”، مؤكدا أن “اعتماد القاسم الانتخابي على أساس احتساب عدد المسجلين لا مبرر له لأنه غير دستوري”، وأضاف بووانو، ” أن الرهان الحقيقي الذي كان ينبغي أن يكون النقاش حوله هو رهان تطبيق الدستور ورهان الاستحقاقات في ظل تحديات وتداعيات جائحة “كورونا”.
وأفاد بووانو، أن حزب العدالة والتنمية طالب في مذكرته بخصوص الاستحقاقات الإنتخابية، بالإشراف السياسي على الانتخابات من قبل رئيس الحكومة، كما دعا إلى إسناد الإشراف التنظيمي للجنة تتضمن وزارة الداخلية ووزارة العدل الى جانب ممثلين عن الأحزاب السياسية، فضلا عن تعزيز تمثيلية الشباب والنساء واعادة الاعتبار لمغاربة العالم، قائلا “نحن البلد الوحيد الذي لا يعطي قيمة تمثيلية للجالية بالخارج”.
وارتفعت حدة الخلافات السياسية بين الأحزاب على طبيعة الإنتخابات المقبلة، وتباينت الرؤى الحزبية حول مجموعة من الآليات والوسائل المهمة لإنجاح العملية الإنتخابية، حيث برزت آلية القاسم الإنتخابي ، عوض الأصوات الصحيحة كما هو معمول به حاليا ، ومطالبة الأحزاب باعتماد القاسم الانتخابي على عدد المسجلين ، فيما إعتبره البعض بالعمل على محاصرة الأحزاب الكبرى.
وخلقت المطالب الحزبية، بتحديد نسبة المقاعد البرلمانية لأي حزب في مائة مقعد، جدلا واسعا، إعتبرته أحزاب العدالة والتنمية و الأصالة والمعاصرة، حيفا في حق الأحزاب السياسية الناجحة وضربا لمبادئ الديمقراطية، حيث إقترح حزب العدالة والتنمية الاعتماد على عدد المصوتين مثلما هو معمول به حاليا، في حين تطالب باقي الأحزاب، باستثناء حزب الأصالة والمعاصرة، بالاعتماد على أصوات المسجلين في اللوائح الانتخابات، حيث يشكل نمط الاقتراع هندسة سياسية تحدد النتائج الانتخابية، بعد اعتماد المغرب النظام النسبي على أساس اللائحة أفرز طريقة احتساب على أساس الأصوات الصحيحة عوض المسجلين في اللائحة الانتخابية.