أعلن الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية بمجلس النواب، اليوم الجمعة، توقيفه النهائي لأي تنسيق يخص ملتمس الرقابة، وذلك في بيان سياسي شديد اللهجة حمّل فيه مسؤولية فشل المبادرة إلى “غياب الإرادة الجدية” داخل بعض مكونات المعارضة، وانتقد ما وصفه بـ”الاستخفاف السياسي” و”التشويش الإعلامي المتعمد”.
وأكد الفريق، في بلاغ رسمي وقعه رئيسه عبد الرحيم شهيد، توصلت به “أشطاري”، أن الدعوة لتقديم ملتمس الرقابة استندت إلى تشخيص عميق لاختلالات الولاية الحكومية الحالية، التي قال إنها شهدت “تغوّلاً حكومياً” و”إخلالاً دستورياً بالتوازن المؤسساتي”، لا سيما من خلال تهرّب رئيس الحكومة وأعضائها من جلسات المساءلة البرلمانية.
مبادرة مع سبق الإصرار
وبالعودة إلى تفاصيل المبادرة، أوضح الفريق الاشتراكي أنه طرح فكرة ملتمس الرقابة منذ نهاية سنة 2023، وضمنها في التقرير السياسي للمجلس الوطني لحزب الاتحاد الاشتراكي يوم 27 يناير 2024. كما تم الاتفاق، خلال افتتاح الدورة الربيعية في 4 أبريل 2024، على إصدار بلاغ مشترك للشروع في تفعيل الملتمس، قبل أن يتراجع أحد مكونات المعارضة ويعلن رفضه للمبادرة، مما أدى إلى “إقبارها مؤقتاً”.
ورغم الانتكاسة، عاد الفريق ليقترح المبادرة مجددًا في أبريل 2025، بعد فشل تشكيل لجنة تقصي الحقائق بشأن دعم المواشي، وسعى إلى جمع التوقيعات وتأمين النصاب المطلوب، قبل أن يصطدم بـ”تعطيل داخلي” من بعض الفرق المعارضة، وتفاصيل تقنية وذاتية وصفها البلاغ بأنها خارجة عن الأعراف البرلمانية.
اتهامات بالتشويش وغياب الأخلاق السياسية
ووجّه الفريق انتقادات مبطنة إلى أطراف داخل المعارضة لم يسمّها، متحدثًا عن “تشويش إعلامي يخدم أجندات ضيقة”، وعن “هدر للزمن السياسي”، مشيراً إلى فقدان المبادرة لغاياتها الديمقراطية الأصلية، وتحولها إلى مجرد رهان عددي يفتقد إلى التراكم السياسي.
وأضاف البلاغ أن “المعارضة الجادة لا تُبنى على مناورات أو انتظارية مدمّرة”، مشددًا على أن الفريق لن يشارك في “الاستهتار بالآليات الدستورية”، وسيواصل أداءه الرقابي من موقعه كـ”معارضة اتحادية واعية ويقظة ومسؤولة”.
مياه السياسة تحرّكت… ثم جفّت
ورغم فشل تفعيل ملتمس الرقابة، أشار الفريق إلى أن طرح الفكرة وحده نجح في تحريك “مياه السياسة الراكدة”، إذ لقي صدى واسعاً في الأوساط السياسية والإعلامية والرأي العام. غير أن غياب التنسيق الجاد بين مكونات المعارضة، وانعدام الانضباط لمبادئ العمل المشترك، دفعت الفريق إلى إعلان انسحابه بشكل نهائي.
معارضة من دون جبهة موحدة
ويؤشر هذا البلاغ إلى شرخ متزايد داخل صفوف المعارضة البرلمانية، ويطرح تساؤلات حول قدرة هذه الفرق على بلورة مبادرات موحدة، في ظل تباين المرجعيات السياسية، والخلافات الشخصية، وتضارب الحسابات الانتخابية.
كما يعكس القرار الاتحادي رغبة في التمايز السياسي، واستعادة زمام المبادرة الرقابية من خارج الاصطفافات “غير المجدية”، وفق تعبير البلاغ، ما يضع تحديات جديدة أمام الفاعلين الحزبيين في بناء جبهة معارضة فاعلة داخل المؤسسة التشريعية.