راسل فريق حزب التقدم والاشتراكية بمجلس النواب الحكومة مطالبا ببناء مصفاة جديدة إضافية لتكرير النفط بالموازاة مع ضرورة تسوية وضعية “لاسامير”، وتقدم النائب البرلماني رشيد حموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، بسؤال كتابي إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش، حول الحاجة إلى بناء مصفاة جديدة لتكرير النفط، مع ضرورة تسوية وضعية “لاسامير”.
وجاءت دعوة الحزب، أمام فضيحة استدعاء السفارة الأميريكية لعدد من أرباب محطات الوقود للتشاور حول وضعية سوق المحروقات في المغرب، حيث خلقت الاجتماع بمقر السفارة الأمريكية الجدل، واعتبره البعض التدخل في السيادة المغربية فيما ذهب البعض الى اعتباره تحرك لوبي المحروقات للاحتماء بلوبي المحروقات الدولي وممارسة الضغط في المغرب.
وأشار حموني، أن المغرب يعيش أثرا بالغا بموجهة غلاء أسعار المحروقات، بسبب الاضطرابات الجارية في السوق الدولية، وبفعل اعتمادنا شبة الكُلّي على الاستيراد الطاقي، وأضاف ” لا يخفى عليكم، أنه على الصعيد الاستراتيجي، ومن أجل مواكبة ارتفاع حاجيات اقتصادنا الوطني من الطاقة، فإنه يتعين على بلادنا، بالإضافة إلى مجهودات تنويع مصادر الطاقة وإعطاء دفعة قوية للطاقات المتجددة، العمل على توفير الشروط اللازمة فيما يتعلق بالتكرير والتخزين”.
وأكد حموني، أن الحكومة غير متحمسة لمطالب استرجاع مصفاة “لا سامير” ذات الأدوار الأساسية في خفض الفاتورة الطاقية، والحد من استيراد المواد الصافية العالية الثمن عوض النفط الخام، وشدد أن هذا الوضع تستفيد منه شركاتُ التوزيع الكبرى والمحدودة العدد، والتي تستغل الظرفية لتدمير القدرة الشرائية للمواطنين عبر مراكمة أرباحٍ فاحشة تقدر بملايير الدراهم، وهو أيضاً ما يُضيع على ميزانية بلادنا أكثر من سبعة مليار درهماً سنويا من العملة الصعبة.
وأبرز أنه مادام أن الحكومة تتحجج في ذلك بكون إشكالية “مصفاة لاسامير” بالغة التعقيد من حيث مسار تصفيتها، ولو أن القضاء قال كلمته النهائية بخصوصها، فإن الحزب يقترح إلى جانب ضرورة استعادة “لاسامير”، المبادرة إلى “الاكتتاب والتضامن الوطني ومساهمة الدولة”، وإلى أيِّ وسيلة تمويلية مُبتَكَرة مناسبة أخرى، من أجل إحداث مصفاة جديدة لتكرير وتخزين النفط، ودعا حموني إلى استثمار الخبرة الوطنية في هذا المجال، والتي راكمها المئات من مُستخدَمي شركة “لا سامير” الموجودين حاليا في أوضاع اجتماعية متدهورة، وتفادي ضياع هذه الخبرة الثمينة، وأيضاً من أجل الحفاظ على الأمن الطاقي لبلادنا، وتفاديا للصدمات الاقتصادية والاجتماعية العنيفة.
و كشفت جبهة إنقاذ “سامير”، أن غلاء المحروقات اليوم بالمغرب لا يرجع في عمقه إلى السوق الدولية، بل إلى أسباب داخلية، وعلى رأسها رفع الدعم وتحرير الأسعار، حيث أوضح الحسين اليماني خلال ندوة نظمتها الجبهة الاجتماعية المغربية أنه وقبل تحرير الأسعار، وبالضبط في فبراير من 2011 تجاوز سعر برميل النفط 111 دولار، ووصل في أبريل من ذات العام إلى 123 دولار، لكن متوسط بيع الغازوال في المغرب كان هو 7,15 درهم للتر، وثمن البنزين هو 10,18 درهم، وإضافة إلى تحرير الأسعار، أبرز اليماني أن من جملة العوامل التي أسهمت في ارتفاع الأسعار غياب شروط التنافس في السوق بعد تغييب شركة “سامير”، واحتكار 3 شركات لثلثي سوق المحروقات، إضافة إلى عجز الدولة وأجهزة التقنين والمراقبة عن ضبط السوق وردع المخالفات.
وتوقف المسؤول النقابي على الأرباح الفاحشة لشركات المحروقات بعد تحرير الأسعار، فبعدما كانت الدولة قبل 2015 تحدد هامش ربح الفاعلين النفطيين في 600 لطن الغازوال، انتقل هذا الهامش إلى 2200 درهم، وهو ما يعنى مضاعفة الأرباح أكثر من مرتين، وهي أرباح رصدتها عدة تقارير رسمية.
وسجل المتحدث أنه ومنذ التحرير، عرف هامش الربح ارتفاعا، حيث حققت الشركات في 2016 ربحا ب8,1 مليار درهم، وارتفع في 2017 إلى 9,5 مليار، وبعد المقاطعة انخفض في 2018 إلى 6.2 واستقر عند ذات المستوى في 2018، قبل أن يعاود الارتفاع في 2020 رغم الأزمة وبلغ 8,5 مليار درهم، وهو ما يعني أزيد من 38 مليار درهم من الربح في خمس سنوات، وبالأسعار التي عرفها سعر الغازوال، قال اليماني إن المفروض أن يكون سعر بيع اللتر الواحد أقل من 13 درهما، وليس أكثر منها كما هو الواقع، ولفت المتحدث إلى ضرورة مراجعة الأرباح، فشركة معروفة ومدرجة بسوق البورصة في المغرب أرباحها قفزت من 300 مليون درهم إلى حوالي 900 مليون درهم رغم أنها تبيع نفس الأحجام، وهو ما يكشف حجم الربح الفاحش.
ونبه اليماني إلى كون ارتفاع أسعار المحروقات يودي إلى تهددي السلم الاجتماعي، إذ ترتبط أسعار مواد وخدمات أخرى به، فارتفاع المحروقات يعني ارتفاع أسعار نقل السلع والمسافرين، وارتفاع تكلفة إنتاج العيدد من المواد الفلاحية وعلى رأسها الطماطم والبصل والبطاطس وغيرها، ما قد يؤدي إلى ارتفاع الاحتجاجات.
وقدم اليماني العديد من المقترحات لتجاوز الغلاء في أسعار المحروقات بالمغرب، وعلى رأسها استئناف الإنتاج بـ”سامير” التي تتوفر على طاقة تكريرية تقارب 10 ملايين طن سنويا، واستطاعت عبر 55 سنة الماضية تزويد المغرب بـ 80 في المئة من حاجياته البترولية، و50 في المئة من الغازوال، كما تتوفر على طاقة تخزين شهرين، ومرتبطة بشبكة أنابيب مع الميناء، كما أكد اليماني على ضرورة ضمان الأمن الطاقي في ظل السياق العالمي الحالي، وتأسيس الوكالة الوطنية للطاقات، والتشجيع على التنقيب، تأسيس مخزون استراتيجي، مع المراقبة وتنظيم أسعار المحروقات.
و طالبت فيدرالية اليسار بـ”إعادة تشغيل مصفاة لاسامير ضمانا للأمن الطاقي للمغاربة، وبتسقيف الأسعار حماية لجيوب المواطنات والمواطنين؛ مقابل استمرار الدولة في تعنتها أمام الأصوات المطالبة بإعادة فتح مصفاة لاسامير، والتي كانت توفر ما يقارب 64% من احتياجات المغرب للمحروقات”.
ووقفت الهيئة المحلية لفيدرالية اليسار بالمحمدية، على الوضع الوطني والمحلي، ” المتسم أساسا بالغلاء الفاحش لأسعار المواد الأساسية والمحروقات، وانخفاض المخزون الوطني وهو ما بات يهدد الأمنين الغذائي والطاقي ببلادنا الأمر الذي ينبئ بانفجار اجتماعي غير مسبوق، مستحضرة مقترحي القانونين الخاصين بتأميم لاسامير وتسقيف الأسعار الذين تقدمت بهما نائبة فيدرالية اليسار بالبرلمان فاطمة التامني والذين رفضت الحكومة تمريرهما للبرلمان”.