في خطوة تعزز موقعه على خريطة المعادن العالمية، أعلنت الحكومة عن اكتشاف احتياطي ضخم من معدن القصدير الخام بمنجم «أشماش» قرب مدينة مكناس، يقدر بما يزيد عن 39 مليون طن، ليُصنف بذلك ضمن أكبر الرواسب غير المستغلة لهذا المعدن على الصعيد الدولي.
ويُعد القصدير من المعادن الاستراتيجية ذات الاستخدامات المتعددة، لا سيما في الصناعات الإلكترونية والميكانيكية، وفي إنتاج العبوات المعدنية للصناعات الغذائية، إلى جانب دخوله في صناعة السبائك عالية الأداء مثل البرونز، واستعماله في عمليات تصنيع الزجاج المسطح.
ووفقًا لبيانات تقنية، فإن أعمال التنقيب التي تقودها شركة «Atlantic Tin» الأسترالية استندت إلى تقنيات متقدمة شملت المسح الجيوكيميائي والحفر الماسي، ما مكن من توسيع نطاق الاستكشاف نحو مناطق جديدة مثل سيدي عدي، حيث نُفذت 18 عملية حفر عميق كشفت عن امتدادات واعدة إضافية للترسبات المعدنية.
وتعتمد الشركة على نموذج استغلال تحت أرضي باستخدام تقنية الفودروياج الميكانيكي، وهي طريقة تتيح تقليل التكاليف التشغيلية، وتحسين كفاءة الاستخلاص، مع ضمان استقرار البنية الجيولوجية للموقع.
وفي تعليق له، صرّح سيمون ميلروي، الرئيس التنفيذي للشركة، أن تقديرًا محدثًا لحجم الاحتياطيات القابلة للاستغلال سيتم نشره فور الانتهاء من الدراسات الهندسية والنماذج الجيولوجية التفصيلية.
ويأتي هذا الاكتشاف في وقتٍ تشهد فيه أسواق المعادن الحرجة العالمية ارتفاعًا حادًا في الطلب، خصوصًا القصدير، الذي يمثل مادة أساسية في الرقائق الإلكترونية، وصناعة السيارات الكهربائية، وأنظمة الطاقة الذكية.
ويرى مراقبون أن هذا الاكتشاف من شأنه أن يُحدث نقلة نوعية في الصناعة التعدينية المغربية، ويعزز جهود المملكة في تقليص عجز الميزان التجاري، لا سيما في ظل توجّهها نحو تنويع صادراتها المعدنية والاستفادة من الطلب العالمي على المواد الأولية الحيوية.
ويأتي الإعلان بعد سلسلة من الاكتشافات التي تضع المغرب في موقع متقدم ضمن خارطة الاستثمار العالمي في قطاع المعادن، لا سيما مع تنامي الاهتمام الدولي بتأمين مصادر بديلة للمعادن الاستراتيجية بعيدًا عن الأسواق التقليدية.