في خضم تصاعد التوتر الرقمي بين المغرب والجزائر، تعرض موقع وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، صباح اليوم الثلاثاء، لهجوم إلكتروني منسوب إلى قراصنة جزائريين. العملية، التي وُصفت بـ”الاستفزازية”، حملت معها رسائل سياسية مشفّرة، وخرقاً صارخاً للخصوصية الرقمية للمستخدمين المغاربة.
القراصنة لم يكتفوا بالاختراق، بل عمدوا إلى نشر خريطة مجتزأة للمغرب، تم فيها فصل الصحراء المغربية عن باقي التراب الوطني، وذُيّلت بعبارة “الجزائر الجديدة”، مع رفع علم جبهة البوليساريو الانفصالية على تلك المنطقة، في خطوة قرأها كثيرون على أنها محاولة لإثارة الفتنة وتغذية الصراع المفتعل حول وحدة المغرب الترابية.
الاختراق شمل أيضاً تسريب معطيات حساسة تخص عدداً من الأجراء المغاربة، حيث نُشرت تفاصيل أجورهم وأسماؤهم على قناة تابعة للقراصنة على منصة “تلغرام”، ما أثار غضباً واسعاً في صفوف المهتمين بالشأن الرقمي والحقوقي، الذين اعتبروا أن هذا التصعيد يشكل انتهاكاً لخصوصية الأفراد وعملاً عدائياً موجهاً ضد المواطنين العاديين.
ورغم خطورة الحادث، فإن وزارة السكوري التزمت الصمت، مكتفية بتوقيف الموقع المستهدف عن العمل، دون إصدار أي توضيحات رسمية على صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما فتح الباب أمام سيل من الانتقادات بشأن غياب التواصل المؤسسي في مواجهة مثل هذه الأزمات.
وفي ظل هذا التوتر، يبرز تناقض المشهد المغربي، حيث تم الإعلان في بنجرير، يوم أمس، عن إطلاق برنامج ضخم لدعم البحث العلمي والابتكار بقيمة مليار درهم، بشراكة بين وزارة التعليم العالي والمجمع الشريف للفوسفاط. هذا البرنامج، الذي يمتد من 2025 إلى 2028، يعكس وجه المغرب الطامح إلى اقتصاد معرفي متين، في وقت تتعرض فيه بنياته الرقمية لمحاولات اختراق متكررة.
المفارقة تضع المغرب أمام تحديات مزدوجة: تعزيز السيادة الرقمية من جهة، وحماية الأمن السيبراني من جهة أخرى، في بيئة إقليمية تتسم بتشابك الملفات السياسية والتقنية، وتزايد استخدام التكنولوجيا كأداة ضغط أو تهديد.
هل سيكون هذا الاختراق محطة عابرة، أم بداية لفصل جديد من الحرب السيبرانية بالمنطقة؟ الإجابة قد تتوقف على حجم الرد المغربي، الرسمي والتقني.