انتقدت النقابات الصمت والسرية التي تدير بها الحكومة ملف القانون التنظيمي لممارسة الحق في الإضراب، وقالت نقابة “البيجيدي” أن العديد من القوانين والأنظمة التي لها تأثير مباشر على الشغيلة، أو فئة من فئات الوظيفة العمومية تبقى رهن السرية والكتمان، فيما تلجأ الحكومة إلى الحديث في العموميات، دون إطلاع الرأي العام وخاصة الشغيلة، بمضامين هذه القوانين والأنظمة، والتي من آخرها النظام الأساسي لموظفي التعليم، وأضافت أن ما يخرج إلى الإعلام من نتائج هذه الجلسات التقنية للحوار، تقول بأنه وصل إلى الباب المسدود، سواء تعلق الأمر بجلسة يناير أو أبريل، ولم يتم التوصل إلى اتفاق حول أرضية النقاش، والنقابات تعتبر أن ما جاءت به الحكومة كأرضية غير صالحة للنقاش، ولذلك رفضت تقديم مقترحاتها، وسط مخاوف من الشغيلة بأن ما قدمته الحكومة لا يضمن الحق في الإضراب.
واعتبرت النقابة أن “المقاربة المصطنعة المسماة تشاركية تجعل النقابات المشاركة فيها أمام مسؤولية كبيرة تجاه التاريخ ومكونات الشغيلة المغربية، لأنه إذا ما تم المساس بالحق في الإضراب فسنكون أمام مساس بالحق النقابي، وسيتم القتل التام لكل شيء اسمه الاحتجاج والعمل النقابي”.
وتتجه الحكومة الى عقد جلسة الحوار الاجتماعي في نونبر المقبل؛ وذلك “بعدما كانت الحكومة استشارت الاتحاد المغربي للشغل في إمكانية تأجيل الدورة إلى غاية أبريل، لكن النقابة المذكورة أعلنت تمسكها بالتأجيل لأسابيع فقط بالنظر إلى الظرفية التي كان يعيشها المغرب بسبب كارثة زلزال الحوز، ووقتها كانت الظرفية تستدعي التضامن فقط”.
وشدد الميلودي المخارق، الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، في تصريح للصحافة على أن “النقابة ارتأت ألا يأخذ التأجيل وقتا طويلا، لكون الملفات المطروحة عالقة ومهمة والاتحاد يستعجل وضعها مجددا على طاولة النقاش”، مضيفا: “وقد تشبثنا بعقد هذه الجولة في نونبر لكي نحافظ على مصداقية الحوار الاجتماعي، وأيضا لأنه يجري التحضير لقانون مالية سنة 2024، ويجب أن يكون رأي التمثيليات النقابية وملاحظاتها حاضرة فيه”.
وأكد مخاريق أن “الاتحاد سيعيد طرح مطالب الأجراء في كل القطاعات المهنية، وخاصة تحسين الدخل من خلال التخفيض الضريبي عن الأجور الذي سيبقى مطلبا قارا وسيبقى حاضرا لكون الأجراء يؤدون ضرائب مرتفعة تصل إلى 38 في المائة”، مؤكدا أن “الجولة ستعرف نقاش ضمان ممارسة الحريات النقابية وحق الإضراب”.
وسجل الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل أن “الاتحاد المغربي للشغل لن يغير مواقفه بهذا الخصوص، ومتشبث بهذا الحق وبرفض المرونة في مدونة الشغيل، وسنعيد طرحها سواء في جولة نونبر المقبلة مع الحكومة أو في الاجتماع الذي سنعقده مع وزير التشغيل غدا الثلاثاء ضمن لجنة تشريعات العمل”، لافتا إلى أنه “سنذكر دائما بضرورة تطبيق القانون في ما يخص الحد الأنى للأجور وإلزامية تطبيقه على كل الشركات والمقاولات”.
وأشار خالد العلمي الهوير، الكاتب العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، إن “ما سيتم التأكيد عليه في جولة الحوار المقبلة هو الملفات التي تم الاتفاق عليها في حوار 30 أبريل 2022، وعرفت انحباسا في التنزيل”، مؤكدا أن “الطبقة العاملة قامت بإضراب عام في الوظيفة العمومية ورفضنا أية صيغة تُعطل تنفيذ الحوار، وأن تلتزم الحكومة بالمخرجات حتى لا تترك الطبقة العاملة في قاعة انتظار كبرى، عبر تفعيل الأولويات كالزيادة العامة في الأجور بالنسبة للموظفين”.
وأورد العلمي الهوير، أنه “خلال جلسة الحوار سنبين أن الحكومة لم تحترم هذه الزيادة وكان من المفترض تنزيلها في شتنبر 2022، حسب ما تم الاتفاق عليه”، مشيرا إلى أن “موضوع الدرجات الجديدة ومعالجة النزاعات الاجتماعية بدورها لم تجد طريقا إلى التنزيل والتفعيل؛ ما يحتم إعادة التسطير عليها في الجولة المقبلة، لكونه حتى الآن ليست هناك مؤشرات للمضي قدما بهذه الاتفاقات”.
وأوضح أن “خصوصية هذه الجولة أنها تأتي في سياق ذي وضع اجتماعي مضطرب ازداد فيه كل شيء سوءا بسبب التضخم وارتفاع الأسعار؛ ما جعل الحوار الاجتماعي في مرحلة انحباس”، مسجلا أنه “ستتم إعادة هذه القضايا الاجتماعية إلى واجهة النقاش بين المركزيات النقابية والحكومة وأرباب العمل، خصوصا أن هناك فئات هشة؛ من قبيل حراس الأمن الخاص الذين يشتغلون أكثر من 12 ساعة في اليوم ويشتغلون 7 أيام في الأسبوع”.