كشف تقرير التنمية البشرية السنوي عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، عن تصنيف المغرب في المرتبة 120 عالمياً بمؤشر تنمية بشرية بلغ 0.710. ويأتي هذا التصنيف بعد تراجع طفيف عن المرتبة 122 التي سجلها المغرب سنة 2022، ما يعكس استمرار التعثر في مسار التعافي بعد جائحة كوفيد-19 وسلسلة الأزمات العالمية اللاحقة.
ويعتمد المؤشر على قياس الأداء في مجالات التعليم والصحة والدخل، وهو يتراوح بين 0 و1، حيث تمثل القيم الأعلى أداءً أفضل. ووفقاً للتقرير، فإن هذا التصنيف يضع المغرب أمام تحديات كبرى في وقت يتسارع فيه العالم نحو التحول الرقمي وتوظيف الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات الحيوية.
وأشار التقرير إلى أن المغرب يقف اليوم على مفترق طرق استراتيجي، يفرض ضرورة اتخاذ خيارات حاسمة لتوظيف القدرات التكنولوجية في خدمة التنمية البشرية، لا في حد ذاتها فقط. ولفت إلى أن أحد أبرز التحديات أمام المغرب يكمن في محدودية قواعد البيانات الصحية، وضعف الوصول إلى بيانات سكانية وطبية منظمة وشاملة، وهو ما يعرقل تطوير نماذج فعالة للذكاء الاصطناعي في قطاع الصحة.
وفي ظل اتساع الفجوة بين الدول في قدرة استخدام البيانات لاتخاذ قرارات صحية مبنية على الأدلة، شدد التقرير على ضرورة تطوير إطار قانوني وتنظيمي لحماية البيانات وإدارتها، مع الاستثمار في أنظمة المعلومات الصحية وسد الثغرات التقنية والإدارية في جمع ومعالجة المعطيات.
أما على الصعيد العالمي، فقد تصدرت آيسلندا المؤشر العالمي بقيمة 0.972، متبوعة بالنرويج وسويسرا (0.970 لكل منهما)، ثم الدنمارك وفنلندا، فيما تراجعت ألمانيا والسويد إلى المرتبتين الخامسة والسادسة. في المقابل، تذيلت دول إفريقيا جنوب الصحراء الترتيب، حيث سجلت جنوب السودان أدنى مؤشر عالمي بـ0.388، تلتها الصومال، جمهورية إفريقيا الوسطى وتشاد، ما يعكس الهشاشة العميقة التي تعاني منها هذه المجتمعات في مواكبة التحولات التقنية.
إقليمياً، احتل المغرب المرتبة 12 بين 21 دولة عربية شملها التصنيف، متقدماً على دول كالعراق وفلسطين وجزر القمر، إلا أنه جاء متأخراً عن معظم دول الخليج والشرق الأوسط. فقد جاءت الإمارات في المرتبة 15 عالمياً (0.940)، تلتها السعودية (37، 0.900)، البحرين، قطر، عمان، ثم الكويت. أما الجزائر فحلت في المرتبة 96 (0.763)، تليها مصر والأردن في المرتبة 100، ثم لبنان وتونس. وتقدمت ليبيا على المغرب بقليل، بحلولها في المرتبة 115 (0.721).
وفي ذيل التصنيف الإقليمي جاءت العراق (126)، فلسطين (133)، جزر القمر (152)، سوريا (162)، موريتانيا (163)، ثم جيبوتي، السودان، واليمن الذي حل في المرتبة 184 بمؤشر 0.470 فقط.
وختم التقرير بدعوة صريحة إلى تبني سياسات شاملة وعادلة في عصر الذكاء الاصطناعي، تقوم على إشراك المجتمع المدني والأطراف المعنية وصناع القرار، لضمان توافق التكنولوجيا مع احتياجات المواطنين الفعلية. كما شدد على ضرورة إدماج البعد الأخلاقي والحقوقي في تصميم الخوارزميات، وتفعيل آليات المساءلة في التعليم والصحة، وتعزيز الحماية الاجتماعية لتشمل البنى الرقمية، بما يضمن توزيعاً منصفاً لعوائد التقنية ويحد من التفاوتات القائمة.