في خطوة وُصفت بالمفصلية، أعلنت المملكة المتحدة، اليوم الأحد، موقفاً جديداً من ملف الصحراء المغربية، معتبرة أن مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب يشكل “الحل الأكثر واقعية وبراغماتية” لتسوية هذا النزاع الذي طال أمده. جاء ذلك على لسان وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، الذي كان يتحدث خلال زيارة رسمية إلى الرباط.
التحول البريطاني في هذا الملف، الذي ظل لعقود يراوح مكانه بين التعاطف مع جهود الأمم المتحدة والدعوات إلى حل تفاوضي، يحمل بين طياته أكثر من مجرد إعلان دبلوماسي؛ إنه يعكس – وفقاً لمراقبين – تغيراً في رؤية لندن لمصالحها الاستراتيجية في شمال إفريقيا، وتقديراً متنامياً للدور المغربي كلاعب إقليمي أساسي.
وقال وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره البريطاني، إن هذا الموقف “يشكل تحولاً وتطوراً مهماً لعضو دائم في مجلس الأمن، وأحد أبرز حلفاء الأمين العام للأمم المتحدة.” وأضاف بوريطة أن بريطانيا تُعد من الأصوات الوازنة في المنتظم الدولي، مما يضفي زخماً على الموقف المغربي، لا سيما في ظل ما اعتبره “اهتماماً بريطانياً متزايداً بالاستثمار في الأقاليم الجنوبية للمملكة”.
هذا التغير البريطاني يفتح الباب واسعاً أمام دينامية جديدة، ليس فقط على مستوى الجهود الأممية لتسوية النزاع، بل وأيضاً على صعيد الشراكات الاقتصادية التي قد تشهد زخماً غير مسبوق، خاصة بعد تلميح الوزير البريطاني إلى اهتمام جهات استثمارية بريطانية بدعم مشاريع تنموية في الصحراء المغربية.
التحليل السياسي لهذا الموقف يفيد بأن لندن ربما تكون بصدد إعادة رسم خريطة مصالحها في المنطقة، في ضوء التحديات الإقليمية والتنافس الدولي على الاستثمار والتجارة في إفريقيا. كما يرى البعض أن الاصطفاف البريطاني الجديد قد يدفع دولاً أوروبية أخرى إلى مراجعة مواقفها التقليدية، خصوصاً في سياق التوترات الجيوسياسية التي تعرفها المنطقة.
في انتظار ما ستسفر عنه الأسابيع المقبلة من خطوات عملية لترجمة هذا الموقف إلى دعم ملموس على الأرض، يبدو أن الرباط قد كسبت، ولو مؤقتاً، حليفاً جديداً يدفع في اتجاه حل دائم، يعزز استقرار المنطقة ويكرس سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية.