في ليلة أقل ما توصف به أنها درامية، على أرضية ملعب أليانز أرينا، وقع حكيمي على فصل جديد في رواية مجده الشخصي.
ليلة السبت، لم يكن نهائي دوري أبطال أوروبا مجرد مباراة كرة قدم، بل كان عرضًا مسرحيًا ساخرًا أعاد كتابة أدوار اللاعبين، وجعل من الظهير الأيمن هدّافًا، ومن باريس سان جيرمان فريقًا لا يُقهر.
في الدقيقة 12، ظهر حكيمي كالشبح في قلب منطقة الجزاء، ليسدد كرة لا تصد ولا تُرد، مسجلاً هدفه الأول في المباراة، وكأنه يقول لزملائه: “اتركوا لي المجد الليلة”.
لم يكن هذا الهدف مجرد بصمة على لوحة النتائج، بل كان بمثابة تصريح رسمي بأن الظهير العصري لا يكتفي بالدفاع، بل ينوب عن المهاجمين، ويمارس هوايته المفضلة: تسجيل الأهداف.
خمسة أهداف كاملة دون رد، وكأن باريس سان جيرمان يلعب ضد فريق شبح.
إنتر ميلان بدا ضائعًا في زحام لاعبي باريس، وحكيمي كان المحرك الرئيسي في هذه الماكينة التي لا تهدأ.
كأن المدرب لويس إنريكي قد فك طلاسم التدريب وأعاد كتابة قواعد اللعبة: الظاهير صار مهاجمًا، والجناح صار صانع ألعاب، والهجوم صار دفاعًا.
حكيمي هذا الموسم لم يكن مجرد لاعب؛ كان حزمة كاملة من الطاقة، والمهارة، والحسم. في 48 مباراة، سجل 9 أهداف وصنع 14 تمريرة حاسمة، أرقام تجعل حتى المهاجمين الحقيقيين يغارون.
وعندما جاء وقت الحقيقة في ربع النهائي ضد أستون فيلا ونصف النهائي ضد أرسنال، وضع بصمته في كل مكان: هدف هنا، تمريرة هناك، وكأن دوري الأبطال ملعبه الخاص.
اليوم، لا أحد يستطيع إنكار أن حكيمي وضع اسمه في قائمة العظماء. هو أول مدافع مغربي يسجل في نهائي دوري الأبطال مرتين، وأول لاعب عربي يحصد لقب البطولة مع فريقين مختلفين.
وبالنسبة للكرة المغربية، صار حكيمي أيقونة حية، يهدد عرش الأساطير ويقترب من لقب “الأفضل في التاريخ”.
أما عن الكرة الذهبية، فحدث ولا حرج: بين ديمبيلي، لامين يامال، مبابي، وصلاح، يقف حكيمي بثقة. قد يكون ظهيرًا، لكنه بتلك الأرقام والمستويات جعل المهاجمين ينظرون إليه بحسد.
في النهاية، حكيمي في ليلة ميونيخ لم يكن مجرد لاعب. كان درسًا كرويًا حيًا لكل من ظن أن كرة القدم حكرٌ على المهاجمين.
لقد أدار ظهره للنمطية، وكسر القالب، وأعاد تعريف مركز الظهير العصري: مهاجم، صانع ألعاب، ومدافع في آن واحد. ومن يدري؟ لعلنا أمام أسطورة مغربية جديدة تكتب التاريخ بطريقتها الخاصة.