تخضع حصيلة 100 يوم على تعيين الحكومة، لمجهر المراقبة و الاستفسار و التدقيق في برنامجها الحكومي، وما مدى توافق البرنامج الحكومي و الإنطلاقة الحكومية مع الوعود الإنتخابية التي أطلتها الأحزاب المشكلة للحكومة و على رأسهم حزب التجمع الوطني للأحرار، حيث أجمعت المعارضة خلال التعليق على حصيلة 100 من الحكومة، على الضعف الحكومي وغياب الرؤية الحكومية وربط البعض حصيلة 100 يوم بمائة مشكلة، حيث أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس، محمد الغزالي، “أنه لم يسبق أن عرف المغرب طيلة تاريخه الحديث حكومة راكمت الفشل مثل ما راكمته الحكومة الحالية”.
ورصد الخبراء، الفشل الحكومي من خلال عدة مؤشرات، أولا في الاحتجاجات والسخط الشعبي العارم على الحكومة في مستهل ولايتها بسبب عدد ونوع القرارات التي اتخذتها والتي تميزت “بلا شعبيتها وقساوتها كتسقيف سن التوظيف وفرض جواز التلقيح وغيرها من القرارات، و المؤشر الثاني يخص تضرر المواطنين خاصة منهم الطبقة الفقيرة والمتوسطة من ارتفاعات غير مسبوقة في أسعار كل المواد الاستهلاكية، و المؤشر الثالث يتعلق بكون حكومة التكنوقراط “السياسية” عرفت عدة فضائح متتالية بدء بأسرع تعديل وزاري وانتهاء بالتعيينات المثيرة للاستغراب في بعض الوزارات، و المؤشر الرابع يضيف المتحدث ذاته، متعلق بضعف التواصل السياسي لدى قيادات أقطاب الأغلبية الحكومية، مسجلا غياب التواصل بين الوزراء والمواطنين، حتى في بعض القضايا الحساسة والملحة، و المؤشر الخامس، إلى تأخر تعيين كتاب الدولة في عدة قطاعات وزارية مما يجعلها تعيش حالة من الانتظارية غير المفهومة، و المؤشر السادس متعلق بسطو الحكومة الحالية على عدة مبادرات حكومية سبق وأن أُطلقت في عهد الحكومة السابقة.
من جهته أكد عبد الرحيم العلام، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة القاضي عياض بمراكش، أنه لا يمكن الحديث اليوم عن حصيلة حكومية لـ 100 يوم أولى من عمر هذه الحكومة، مشددا على أن الوصف الدقيق لهذه الحصيلة إن كان بالإمكان الحديث عنها هي 100 يوم 100 مشكل و100 أزمة.
وذكر العلام في حوار مع العدالة و التنمية، أن حكومة أخنوش منذ أن بدأت عملها وهي تصنع المشاكل والأزمات، حتى أنها كانت أسرع حكومة رُفع في وجهها شعار ارحل من طرف الشارع وليس من طرف المعارضة، ومن هذه الأزمات، يقول الأستاذ الجامعي، فرض جواز التلقيح، وتسقيف سن الولوج إلى مباريات التعليم، وأزمة امتحانات التلاميذ، وارتفاع أسعار الوقود والمواد الاستهلاكية، فضلا عن مشكل المحامين مع وزير العدل وغيرها، وتابع، بهذه الحصيلة الثقيلة من المشاكل ما كان بإمكان رئيس الحكومة الخروج للرأي العام وتقديم حصيلة 100 يوم الأولى من عمل حكومته، ماذا سيقول، يردف العلام، هل سيقول إن الحكومة تفتخر بكل هذه الأزمات التي أحدثتها؟ أم سيقول إن الحكومة عاجزة عن التواصل مع الرأي العام؟ وأنها حكومة ضعيفة؟ وأنها لم تنجز أي شيء؟.
واسترسل، أزمة هذه الحكومة ليست في الجهاز التنفيذي فقط، بل أيضا في أغلبيتها البرلمانية، حيث رأينا أن البرلمان وتحديدا الأغلبية، لم تقم بدورها في مراقبة الحكومة في أكثر من واقعة، بل اكتفت الأغلبية بالدفاع عن الخطوات والإجراءات التي تقوم بها الحكومة، وأضاف العلام، ومن ذلك أن البرلمان تنازل عن دوره وأصبح ينفذ تعليمات الحكومة، ولم يتعامل مع ما يرد عليه منها باعتباره مؤسسة دستورية، وقد ظهر ذلك جليا حين تم منع برلمانيين من دخول البرلمان استنادا إلى بلاغ لا يمكن بحال أن يكون البرلمان معنيا به، في مخالفة واضحة للقوانين والدستور وللبلاغ نفسه الذي تحدث عن المؤسسات العمومية وليس الدستورية، يؤكد الأستاذ الجامعي.
و انتقد تقرير أعده مركز الحياة لتنمية المجتمع المدني ومرصد العمل الحكومي حول حصيلة 100 من عمل حكومة أخنوش، الصمت الحكومي حول الاجراءات المتعلقة بمحاربة الفساد، مستهجنا عدم ابداء الحكومة لأي اهتمام بالملفات الكبرى كملف صناديق التقاعد، صندوق المقاصة، مسجلا غياب أي توجه صريح لديها في هذا الصدد.
كما سجل التقرير ضعف التواصل الحكومي، و الارتباك الكبير فيما يتعلق بتقديم المعطيات وشرح الاجراءات و التدابير التي تتخذها الحكومة، و خاصة خلال الندوة الصحفية الأسبوعية للحكومة، بالإضافة إلى طغيان الطابع التدبيري والاجرائي على عمل مختلف القطاعات الوزارية، و غياب أي إجراءات أو مبادرات إصلاحية جديدة، تؤشر على الانطلاقة المنسقة و الجديدة للعمل الحكومي.
وانتقد التقرير، غياب أي مبادرات أو خرجات تواصلية لرئيس حكومة 8 شتنبر، حيث سجل غياب شبه تام لرئيس الحكومة عن التواصل حول مختلف التدابير والاجراءات الحكومية، أو تقديم توضيحات فيما يخص مجموعة من الملفات والقرارات المثيرة للجدل التي اتخذتها الحكومة.
و سجل التقرير، الارتباك الحاصل فما يخص تعيين وزيرة الصحة، وإعفائها بعد أقل من أسبوع على تنصيب الحكومة، وعودة وزير الصحة السابق إلى منصبه، بدون تقديم أي تفسيرات مقنعة، و بدون فتح أي استشارات ما بين الأحزاب المشكلة للحكومة للتداول في شأن هذه الحقيبة الوزارية المهمة والمحورية في عمل الحكومة . وانتقد مركز الحياة ومرصد العمل الحكومي، التأخر المسجل فيما يخص تعيين كتاب الدولة، الذين تم التنصيص على تعيينهم في بلاغ إعلان تنصيب الحكومة من طرف جلالة الملك .
من جهة أخرى، عبر عن انتقاده لعدم اتخاذ الحكومة لأي اجراءات أو تدابير للتعاطي مع الارتفاع الكبير الذي شهدته اسعار مجموعة من المواد الأساسية، المصدر ذاته، سجل أيضا السحب المفاجئ وغير المفهوم لمشروع القانون الجنائي من البرلمان، وتبرير الأمر بالرغبة في إدخال مزيد من التعديلات وأخذ الوقت الكافي للإنجاز ، بدون تحديد أي سقف زمني واضح .
وسجل التقرير ، عدم عقد رئيس الحكومة لأي لقاء مع مختلف الفرقاء الاجتماعيين و المهنيين، رغم الظرفية الاقتصادية و الاجتماعية الصعبة التي ميزت انطلاق عمل الحكومة، بالإضافة الى غياب أي مبادرات فيما يخص الحوار الاجتماعي الوطني مع المركزيات النقابية
و أظهر التقرير تعامل الحكومة بفجائية فيما يخص فرض إجبارية الإدلاء بجواز التلقيح للولوج للمرافق العامة، وغياب أي طابع استشاري أو حواري فيما يخص استصدار هذا القرار، و نبه التقرير إلى الاحتقان الاجتماعي المسجل في تدبير ملف الولوج الى المحاكم المغربية، وما خلفه من احتجاجات متواصلة لهيئات المحامين على امتداد التراب الوطني، و غياب أي خطوات نحو الحوار من جانب الحكومة ، و سجل التقرير، عدم توجه الحكومة في سياق تعميم التعويضات المالية على مجموعة من القطاعات المتضررة من القرارات المتخذة للحد من جائحة “كورونا”، و ما خلفته من ضرر بالغ على أدائها و عملها و وضعية العاملين بها .