بناء على البلاغ الصادر عن الديوان الملكي في وقت سابق حول مواصلة جلالة الملك محمد السادس التأهيل الوظيفي بعد العملية الجراحية، فإن الأمر يستدعي إعادة النظر في الأنشطة الملكية المعتادة خلال شهر رمضان المبارك. ولهذا وبتعلميات ملكية سامية قام صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن وصاحبة السمو الملكي الأميرة للا خديجة بإعطاء انطلاقة المبادرة الإنسانية “رمضان 1446” لفائدة مليون أسرة.
هذا العمل يحمل دلالات رمزية كما يوجه رسالة عميقة للشعب المغربي. وبعد أيام من قرار أمير المؤمنين إلغاء الأضحية والاحتفاظ فقط بمراسيم العيد، مما كان بلسما على قلوب ماليين الأسر، التي أضحت رهينة في يد سماسرة القطيع، وفي إطار يدخل في عملية فقه المقاصد التي عنوانها الرحمة والتخفيف عن المجتمع، جاءت عملية “رمضان 1446″، التي أدخلت السرور على مليون أسرة مغربية.
فالعملية التي أشرف عليها ولي العهد رفقة الأميرة للا خديجة هي عنوان لحمل ولي العهد رسالة والده، وهي رسالة إمارة المؤمنين، وهي مسؤولية التضامن وفق تعاليم الدين الحنيف، ولهذا فإن إعادة النظر في الأنشطة الملكية ال يعني إلغاءها ولكن استمرارها وفق المسؤوليات التي يحملها ولي العهد، ترعرع في كنف جلالة الملك محمد السادس، واطلع في كل وقت وحين على المسؤوليات الجسام التي تحملها المؤسسة الملكية ومؤسسة إمارة المؤمنين.
فولي العهد، الذي أعطى نموذجا للطالب المثابر في دراساته الجامعية وفق شهادات رفاقه وزملائه في الدراسة، والطالب الذي يعتني قبل كل شيء بالتحصيل العلمي، تعلّم أشياء كثيرة في الحياة السياسية رفقة والده، حيث يحضر كل المناسبات الرسمية، وكل خطابات جلالة الملك، ويرافقه في أغلب الأنشطة ذات الطابع السياسي من افتتاح البرلمان إلى خطابات المناسبات الوطنية.
وتكلف بتعليمات سامية بإعطاء انطلاقة العمل بورشة تحلية مياه البحر نواحي الدارالبيضاء كأوسع نشاط اقتصادي يقوم ولي العهد بالإشراف عليه، ناهيك عن ترؤس تخرج فوج أطر وزارة الداخلية بالقنيطرة، ناهيك عن أنشطة أخرى، كانت كلها في إطار مدرسة الواقع، التي يحرص جلالة الملك على أن تكون المدرسة الحقيقية لتلقي ولي العهد للمعارف إلى جانب تكوينه الجامعي.
وفي سن مبكرة استقبل ولي العهد أطفال فلسطين، الذين زاروا المغرب في إطار أنشطة وكالة بيت مال القدس، في دلالة على أن المغرب في قلب النضال الفلسطيني وعناية بأطفال هذا البلد الجريح كان ولي العهد في استقبالهم، بحس قومي عالي يجسد انتقال القيم من الوالد إلى الولد، الذي أبان عن روح انتماء وحدوي بين أبناء الأقطار العربية.
حرص جلالة الملك محمد السادس على استمرار عملية “رمضان 1446” رغم متطلبات الوضع الطبي، الذي يفرض على جلالته عدم الجلوس كثيرا أو الوقوف كثيرا، وإعطاء التعليمات لولي العهد للقيام بهذه المهمة يتضمن رسالة قوية بأن ولي العهد هو واحد من أبناء الشعب يحس بما يحسون ويشعر بما يشعرون، وأنه يمتلك حسا تضامنيا كبيرا مع أبناء الشعب الذين هم في حاجة إلى المؤازرة والسند.