إدريس عدار
تطرق برنامج “45 دقيقة” الذي تبثه القناة الأولى حلقة من تقديم الإعلامي ياسين العمري حول موضوع “عقوبة الإعدام”. ولقد حاولت الحلقة تحقيق توازن يخص الموضوع، باستضافتها لمهتمين ونشطاء من الطرفين: المساندين لتنفيذ عقوبة الإعدام والإبقاء عليها في الحد الأدنى، والرافضين لها، ولكل حجته، كما استضاف أيضا عائلات ضحايا 16 ماي الإرهابية، وأيضا محكومين سابقا بالإعدام تم تحويل العقوبة في حقهم إلى المؤبد.
في استحالة الموضوعية علميا يخضع أي موضوع لتوجيه معين، ولا أدري هل كان عفويا التركيز على الجانب النفسي للمحكومين بالإعدام أم لا؟ وأشير هنا إلى أن وصف الحلقة بأنها تعاملت بنسبية مع الموضوع ليس معرّة خصوصا وأنه تم منح جميع الأطراف الفرصة للتعبير عن الرأي. بالجملة الحلقة متقنة ووازنت بين الآراء. لكن أي آراء؟
في البرنامج كان هناك طرف مدافع باستماتة عن الإعدام وتنفيذه لأنه حكم الشريعة الإسلامية ودين الدولة هو الإسلام. عنوان كبير يعفي من الاستدلال أصلا. وطرف ثاني يدافع عن إلغاء عقوبة الإعدام بدعوى كونية حقوق الإنسان. أيضا عنوان كبير يعفي من الحجة.
في الرأيين لا يوجد أي اجتهاد. عندما تُعدم إبداعا تلصق عقوبة الإعدام بصاحب الشريعة. هل كان فعلا حكم اسمه الإعدام في مرحلة التأسيس؟ الذي نعرف أنه كانت هناك عقوبات من أخف العقوبات التي كانت موجودة في المنظومة الدولية حينها. وهل يسمح القانون المغربي بما ذهب إليه حسن السكنفل، رئيس المجلس العلمي المحلي بتمارة، حول عفو ذوي الدم عن القاتل؟
أما أصحاب المرجعية الكونية، فلم يجددوا خطابهم الذي أصبح أيضا قديما. أول ما يُطرح عليهم من الأسئلة، هو كيف يمكن تسويق خطاب من هذا النوع وسط مجتمع ما زال يدعو إلى القتل في جرائم أقل من ذلك؟
لا ذنب على الإعلامي ومعدي البرنامج عندما يبحثون عن متحدثين، وأحيانا لا تعثر عليهم. لكن ما معنى أن تستضيف أشخاصا من عالم الفكر والثقافة والنشاط الحقوقي وفي الأخير يقولون كلاما مثل الذي يمكن أن يقوله أي واحد.
بالنسبة إلي لست مع عقوبة الإعدام، لسبب هو أنه لا توجد ضمانة لعدم خطأ القضاء في إصدار الأحكام، وقد سبق لأشخاص قضوا سنوات طويلة في السجن وبعد ذلك تبين أنهم ليسوا هم من ارتكب الجريمة، ومع ذلك القصة أكبر من أن تحتمل حكما سريعا، هناك من سيستشكل علينا بالجريمة التي يتم القبض على مرتكبها في حالة تلبس.
قبل أن أقرأ قصة الرهان لتشيكوف شاهدتها مسرحية من بطولة يحيى الفخراني (المحامي) وعبد الرحمن أبو زهرة (المصرفي). تدور القصة حول رهان بين مصرفي ومحامي حول عقوبة الإعدام وهل هي أفضل أو أسوأ من السجن المؤبد؟ وتم الرهان على أن يتم سجن المحامي في غرفة منعزلة لمدة 15 سنة مقابل مليوني روبل وهي كل ثروة المصرفي. في البداية تعرض المحامي للاكتئاب لكن بعد ذلك شرع في الدراسة وتعلم اللغات وتبين أنه طوّر نفسه بشكل كبير. وقبيل الموعد المضروب فر المحامي من النافذة دون أن يتم الرهان ولم يخسر المصرفي ثروته.
الشاهد في القصة أن السؤال ليس جديدا ولكنه قديم جدا. والأجوبة عنه تختلف ولكن تحتاج إلى كدّ معرفي وليس تكرار ما هو موجود وما يمكن أن يردده حتى غير المتعلمين.