تنظر المحكمة حاليا في القضية التي تولت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية التحقيق فيما أصبح معروفا بـ”النقط مقابل الجنس”، ويمكن أيضا الحديث عن “الجنس مقابل الماستر” باعتبار أنه لا يوجد مبرر يضطر واحدة للوقوع في هذا الغلط، فهي ليست أصلا في حكم المضطرة حتى نجد مبررا. ما علينا، فليس هذا موضوعنا ولكن الأساسي اليوم هو قيمة الشهادات الجامعية بالمغرب في ظل الفساد المستشري بالجامعة.
ولا نقصد بالفساد هنا وجهه الأخلاقي، ولكن الفساد عموما.
الفساد الأخلاقي في الجامعة هو فقط الشجرة التي تخفي الغابة، التي يوجد داخلها عشرات أنواع الفساد، التي تُسائل القيمة العلمية للشهادات الجامعية، حيث تم تقاسم النفوذ داخل الجامعة المغربية خلال العشر سنوات الأخيرة، وتم توزيع عشرات إن لم نقل شهادات الماستر، التي أنجز أصحابها دكتورات، وأصحابها غير مستحقين مقابل حرمان مئات الطلبة من هذا الحق.
لنكن دقيقين ودون مواربة للقول إن الصراع السياسي بين طرفين أو أطراف سياسية، كان أيضا فوق أرض الجامعة، لكن هذه المرة لم يعد قصة الصراع العنيف بين مكونات اليسار الراديكالي والجماعات الإسلامية، ولكن كان صراع نفوذ من خلال تمكين عشرات المنتمين والمتعاطفين مع هذه الأحزاب، أو على الأقل اثنين، ومجموعة من المحسوبين على زعيم سياسي توارى الآن إلى الخلف، وهذه القضية معروفة اليوم، إذ كثير من التسجيلات تمت عن طريق الهاتف ولم يبذل أصحابها جهدا.
تفريخ عشرات أنواع الماستر في الجامعة المغربية لم يُوازِه تطور في البحث العلمي، بدليل أن كل من ينجز أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه يخفيها عن الأنظار حتى لا يطلع عليها أحد لأنها مجرد شهادة مجاملة، وإلا ما عرفناه أن رواد الجامعة المغربية ومن جاء بعدهم كانوا يعيدون صياغة أطروحاتهم وطبعها حتى تتناسب مع الجمهور العام وتخرج من طابعها الأكاديمي، لكن اليوم تسمع فلانا حصل على الدكتوراه ولم تقرأ له مقالا علميا محكّما في تخصصه.
وفي وقت سابق تفجرت بجامعة فاس الماستر مقابل المال، حيث بلغت قيمته، والقيمة بمعناها التسافلي المتدني، خمسة ملايين سنتيم، ووصلت القضية إلى الوزارة المعنية ثم إلى المحاكم وما زالت القضية تروج إلى أن تدخل عالم النسيان مثلما دخلت الماستر “الحزبية” التاريخ وكذلك ستدخل “ماستر الجنس” الماضي وكفى الله علماءنا شر الجهاد العلمي.
واجهات متعددة للفساد بالجامعة المغربية، وأوجه قبيحة للمفسدين فيما كان يسمى “الحرم الجامعي”، وما سمي الحرم إلا لحرمته على كل أشكال الشبهة وهو محرم على أنواع التدخل، فكيف يسمى حرما جامعيا حيث يُمنع على الأمن دخوله ولكن ليس محرما على المفسدين دخوله والعبث به؟
نعتقد أن عبد اللطيف الميراوي، وزير التعليم العالي، بمكنته تصحيح الوضع والمسار باعتباره قادمًا من تسيير الجامعة ويعرف مداخيلها وخارجها ويعرف مشاكلها ووضعها، وإذا شرع في الإصلاح يمكن أن يصل.