الدكتور احمد درداري*
ان مصطلح الحرب السيبرانية (Cyberwarfare) هو مصطلح يشير إلى استخدام الحواسيب وشبكة الإنترنت في مهاجمة الأعداء وذلك بواسطة المخترقين (hackers)، وما حدث من استهداف لمواقع الدولة المغربية يدخل ضمن جريمة انتهاك لسيادتها الرقمية، باستخدام القراصنة الذين يقومون بنفس الأعمال التخريبية الارهابية، لانها تتجاوز كل الحدود الأخلاقية والسيادية و تحدث ضررا للمؤسسات والموظفين والمدنيين، بالرغم من ان المعطيات الشخصية لا يمكن المساس بها كما ان الدولة لها حصانة وسيادة لا يمكن ان تنتهك أو تحارب بأساليب قذرة و غير مشروعة.
ومن هنا فان الثغرات الرقمية في أنظمة الدولة اصبحت موضوعا له اولوية و عدم حمايتها ينبئ بتكرار الهجومات و نشر الفوضى عبر العالم الرقمي، لذا على المعاهد والجامعات وكبار المتخصصين ان يشعلوا ثورة رقمية لتحقيق استقلال المغرب الرقمي والسيادة الرقمية الوطنية، وتحصين استخدام النظم المعلوماتية الوطنية بشكل يجنب الاضرار بممتلكات الدولة أو السرقة والتلاعب بمعطيات الدولة.
فالهكر أو المجرم المقنع الذي تسري عليه صفة المجرم الذكي، بعدما يحصل على شهادة الإجرام السيبراني و يدرس كيفية اختراق النظم المعلوماتية، و يدرس جميع فنون القرصنة بالصورة العلمية أي أنه يصبح أكثر ذكاء ودراية من الذين وضعوا النظم المعلوماتية انفسهم، يصبح قادرا على الخوض في حروب إلكترونية بالوكالة بعد إبرام صفقات عسكرية الزرقاء إذا كان طبعا من خارج المؤسسة العسكرية للدولة المعتدية، ولكون القراصنة لاعبين متخصصين في ادارة المعارك عبر شبكة الأنترنت، اصبحوا يديرون الحروب لتخريب العقول الإلكترونية للدولة العدو، خصوصا وأن النظم الموجودة اليوم كلها قابلة للاختراق نظرا لوجود ثغرات مثل شركة مايكروسوفت التي تصارع من أجل البقاء بالرغم من وجود لديها فريق من أشهر الهكرز لسد ثغرات الوندوز وهي تقوم شهرياً باصدار ملف لصد فايروسات لايمكن صدها مثل سايسبر الذي هو دودة إذا دخلت إلى الجهاز تنتقل العدوى إلى أجهزة الشبكة جميعها.
وتشكل الحرب السيبرانية اليوم خطرا أمنيا على الدول والمؤسسات والأفراد، فبالاضافة إلى كونها تسرق البيانات عبر الاحتيال وتصل بشكل غير قانوني إلى البيانات العامة كالمالية أو الطبية أو العسكرية أو الأمنية السرية، فإنها تخرب أنظمة الأجهزة الإلكترونية عن بعد وتشل برامج عمل الدولة و تلحق الضرر المادي بالمعدات و المعنوي للحكام و للأشخاص، كتفجير أجهزة عن بعد وقتل من يحمل حاسوب او هاتف ذكي ….
ففي وقتنا الحاضر أصبحت الحرب السيبرانية المتعددة الساحات تسيطر على العقلية العسكرية للعديد من الدول الفاشلة التي بنت جيوشا تشتغل خلف الحواسيب بحثا عن ثغرة قد تتيح لها فرصة إلحاق هزيمة ساحقة بدولة خصم وهو مدجج بتقنية الضغط على الزر.
ويطرح السلام السيبراني اليوم كموضوع للترافع حوله بشدة في حقل العلاقات الدولية المشوبة بتهديد قواعد استخدام الفضاء الإلكتروني.
فالولايات المتحدة الأمريكية تتوفر على القيادة السيبرانية United States Cyber Command ، (USCYBERCOM) حيث تعتبر واحدة من عشر قيادات عسكرية تابعة لوزارة الدفاع الأمريكية. وهي المسؤولة عن توحيد عمليات الفضاء الإلكتروني، وتعزيز قدرات الأمن المعلوماتي لوزارة الدفاع وخبرتها في هذا المجال.
بينما في ألمانيا تدير لجنة الحقوق المدنية الألمانية (FIfF) حملة من أجل السلام السيبراني للسيطرة على الأسلحة السيبرانية وتقنية المراقبة وضد عسكرة الفضاء السيبراني وتطوير تقنية موجهة الاستعمالات الهجومية والبرامج الضارة، وإنشاء مراكز الأمن السيبراني، وتقوية بنية الأمن السيبراني كبنية تحتية، تحصن نقاط الضعف، وتطور استراتيجيات الأمن الدفاعية وضبط التطبيق الواسع للوسائل التي لها علاقة بالتشفير والدفاعات الإلكترونية الأخرى.
والمغرب اليوم مطالب برفع شكاية حول استهداف السلم والامن السيبرانيين للمغرب، والعمل على تأسيس قيادتين الاولى عسكرية والثانية أمنية لحماية سيادة الدولة المرتبطة بالمعدات والأنظمة الأساسية، كالبنية التحتية لتأمين الاتصالات والنقل والطاقة وغيرها، وأمن الشبكات وأمن السحابة وأمن الأجهزة الذكية المرتبطة بالإنترنت وأمن التطبيقات بالإضافة إلى حماية معلومات المؤسسات والمعطيات الشخصية من اي مساس.
*رئيس المركز الدولي لرصد الازمات واستشراف السياسات