أمضى عبد اللطيف وهبي، وزير العدل والأمين العام السابق لحزب الأصالة والمعاصرة، أسبوعا في أعلى قمة المواد المقروءة والمرئية على وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك على خلفية تصريحه المتعلق بلا قانونية طلب مسؤولي الفنادق لعقد الزواج عندما يستقبلون رجلا وامرأة، ولسنا في وارد أن نعطي لأحد الحق فيما قال، ولكن نرى أنه من دورنا أن نساهم في هذا النقاش، الذي يحتاج إلى الجدية لا إلى الكلام السوقي، وعندما نعنون افتتاحيتنا بهذا الشكل فإننا نميز بين “الفُندق” و”الفَنْدق”، هذا الأخير، الذي يجمع بين دور الإيواء التقليدية، التي تهيئ أمكنة لاستقبال المواطن رفقة بهيمته، وبين مكان رباط الحمير والخيل في السوق.
نريد أن يكون النقاش مرتفعا عن الأرض وليس سوقيا.
يرى عبد اللطيف وهبي في العملية الفندقية مجرد لحظة تجمع رجلا وامرأة بينما العملية معقدة جدا، وهي دورة كاملة من العمليات والإجراءات، حيث لا يمكن مناقشتها دون إيجاد منظومة متكاملة، للضبط الأمني ومحاربة الجريمة المنظمة وغير المنظمة والإرهاب، ومحاربة عصابات الاتجار في البشر والقاصرين ودون قانون واضح حول الدعارة، التي لا يمكن فصلها عن التردي الاجتماعي، وعن أرقام الحكومة، التي ينتمي إليها وهبي، حيث وضعتنا في الرتبة 121 في التنمية البشرية ومعدل 39 في المائة من الساكنة الناشطة بمعنى 61 في المائة (حوالي 25 مليونًا) تعيش عالة على الآخرين.
كيف يمكن مناقشة قضية عقود الزواج في الفنادق خارج سياق الإجراءات الأمنية لمكافحة الإرهاب؟
يناقش وهبي الفنادق، بلغة سائبة وكأن هذه المؤسسات ليست أمكنة عمومية مفتوحة، ويمكن أن يقع فيها من الكوارث ما لا يتصوره أحد. ما الضمانة التي يقدمها وهبي كي لا يكون ولوج امرأة ورجل دون هوية رابطة في غرفة واحدة أن يكون مقدمة لشيء لا تحمد عقباه؟ هذه العملية التي يراها وهبي من منظور بسيط، كي يرضي “الحداثيين”، هي ليست بسيطة ولكن جد معقدة، لأنها تحتاج معالجات من جوانب متعددة.
المراقبة الأمنية للفنادق توجد في كل بلاد الدنيا، وفق القوانين الجاري بها العمل. ينص الفصل 490 من قانون المسطرة الجنائية، “كل علاقة جنسية بين رجل وامرأة لا تربط بينهما علاقة الزوجية تكون جريمة الفساد، ويعاقب عليها الحبس من شهر واحد إلى سنة”. ماذا تفعل امرأة ورجل ليس بينهما هوية مشتركة في مكان مغلق؟ إذا أراد وهبي أن يكون منفتحا ما عليه سوى تغيير القوانين.
لكن تغيير القوانين في هذا الاتجاه سيصطدم بعدة قواعد تحكم البلاد. دين الدولة في المغرب هو الإسلام. يمكنك أن تكون حداثيا لكن دون أن تمس جوهر البلاد. لهذا كانت إمارة المؤمنين حريصة على أن تكون التعديلات المرتقبة حول المدونة ألا تخرج عن هذا السياق. القوانين لا يمكن أن تخرج عن السياق الاجتماعي، أو العرف المؤطر للقوانين، ماذا سيقول وهبي عن رجل يصطحب فتاة قاصرا تحمل بطاقة التعريف إلى الفندق؟ عشرات الإشكالات مطروحة في هذا السياق ولا يتسع الحيز لعرضها.