يتجه المغرب الى تنظيم الإنتخابات في يوم واحد، ترشيدا للنفقات وتحسينا للعملية الإنتخابية، بعدما توافقت وزارة الداخلية والأحزاب، على إثر المشاورات بين الداخلية و الهيئات السياسية، استعدادا لاستحقاقات 2021، وحسمت الداخلية جدل إمكانية تأجيل الاستحقاقات الانتخابية المقبلة لسنة 2021، موضحة أنها “سنة انتخابية بامتياز، حيث سيتم خلالها تجديد كافة المؤسسات المنتخبة الوطنية والمحلية والمهنية، من مجالس جماعية ومجالس إقليمية ومجالس جهوية وغرف مهنية، علاوة على انتخابات ممثلي المأجورين ثم مجلسي البرلمان”.
وكشفت وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة ، أن الانتخابات التشريعية والجهوية، ستكلف خزينة الدولة 1.5 مليارات درهم أي ما يعادل 150 مليار سنتيم، مشيرة إلى أن الانتخابات تدخل ضمن عدد من النفقات غير قابلة للتقليص على الرغم من الأزمة التي أفرزتها جائحة كورونا.
وكانت حدة الخلافات السياسية ارتفعت بين الأحزاب على طبيعة الإنتخابات المقبلة، وتباينت الرؤى الحزبية حول مجموعة من الآليات والوسائل المهمة لإنجاح العملية الإنتخابية، حيث برزت آلية القاسم الإنتخابي ، عوض الأصوات الصحيحة كما هو معمول به حاليا ، ومطالبة الأحزاب باعتماد القاسم الانتخابي على عدد المسجلين ، فيما إعتبره البعض بالعمل على محاصرة الأحزاب الكبرى.
وخلقت المطالب الحزبية، بتحديد نسبة المقاعد البرلمانية لأي حزب في مائة مقعد، جدلا واسعا، إعتبرته أحزاب العدالة والتنمية و الأصالة والمعاصرة، حيفا في حق الأحزاب السياسية الناجحة وضربا لمبادئ الديمقراطية، حيث إقترح حزب العدالة والتنمية الاعتماد على عدد المصوتين مثلما هو معمول به حاليا، في حين تطالب باقي الأحزاب، باستثناء حزب الأصالة والمعاصرة، بالاعتماد على أصوات المسجلين في اللوائح الانتخابات.
ويشكل نمط الاقتراع هندسة سياسية تحدد النتائج الانتخابية، بعد اعتماد المغرب النظام النسبي على أساس اللائحة أفرز طريقة احتساب على أساس الأصوات الصحيحة عوض المسجلين في اللائحة الانتخابية.
وأخبرت وزارة الداخلية، الأحزاب السياسية من خلال قرائتها للمذكرات الحزبية المرفوعة إليها ، على أن الأحزاب الممثلة بالبرلمان نجحت في الإتفاق على 20 مطلبا فيما إختلفت مطالبها في 10 مطالب، قبل أن تطالب من الأحزاب التوافق على المطالب المختلفة فيها، و أن المطالب الأساسية المختلف حولها بين الأحزاب تتجلى في التمويل و العتبة و القاسم الإنتخابي ولائحة الشباب و لائحة النساء.
وطرحت أحزاب المعارضة البرلمانية، مذكرة مشتركة، تحمل مجموعة من التعديلات الموصى بها والتي شكلت جدلا وسط المشهد السياسي، بالدعوة استفادة المصوتين من امتيازات قصد رفع نسبة المشاركة، و اعتبار التصويت شرطا ترجيحيا عند تساوي المرشحين في الولوج إلى الوظيفة العمومية أو التعيين في المناصب العليا، و وضع التصويت مقابل الاستفادة من الخدمات والبرامج الاجتماعية، كالسكن الاجتماعي، الإنعاش الوطني، الدعم والتكافل الاجتماعي.
وتطالب القيادات السياسية ، بخفض العتبة الانتخابية ، والقطع مع الجمع بين المهام الانتدابية، ومراكمة التعويضات المالية، ورفع محاصصة اللائحة الوطنية للنساء والشباب بثلاثين مقعدا تخصص لصالح البرلمانيات الشابات ، وتطالب الأحزاب وزارة الداخلية بإحداث تغيير جوهري على القوانين الانتخابية، تمهيدا للاستحقاقات القادمة، ومنها بعض المواد في القانون الانتخابي التي استفاد منها مثلا حزب العدالة والتنمية للفوز بعدد كبير من المقاعد سواء في البرلمان أو الجماعات المحلية وأيضا الدفع بعدم الجمع بين المهام الانتدابية.
وترى قيادات حزبية أن المشاركة المباشرة للمواطنين والتنقل لمراكز الاقتراع لإجراء انتخابات الجماعات المحلية وكذلك مجلس النواب في يوم واحد، ستخفف من التكلفة المالية واللوجستية أيضا، والتي قد تصل حسب هذه المصادر لما يقارب المليار درهم عن كل اقتراع، خصوصا أنها تتزامن مع جائحة كورونا التي قد تستمر إلى ذلك الحين.
وتتجه الأحزاب الثلاثة في المعارضة ، الى محاصرة أي تمدد انتخابي للعدالة والتنمية في الاستحقاقات المقبلة، وذلك بالتنسيق في ما بينها والتوافق على حل أي خلافات سياسية سابقة، للدفع بوجوه جديدة للمشهد السياسي وضبطه بما يخدم التوازنات المجتمعية والتعددية السياسية.
وكان عبد الوافي لفتيت وزير الداخلية، أعرب عن العزيمة الثابتة والرغبة القوية التي تحذو الحكومة والفرقاء السياسيين لمواصلة وتعزيز المسار الديمقراطي السليم في المملكة والمساهمة في بناء مغرب الحداثة والتضامن الذي يقوده ويرعاه صاحب الجلالة الملك محمد السادس أيده الله ونصره، مذكرا، بالمناسبة، بالأشواط الكبيرة التي قطعها المغرب خلال العقدين الأخيرين في مجالات متعددة، سياسية واقتصادية واجتماعية، والتي أعطت للمملكة إشعاعا متميزا على المستوى الدولي.