في سابقة محلية لافتة، أصدرت المحكمة الابتدائية بشفشاون خلال شهر مارس الماضي، حكمًا يقضي ببطلان محضر مخالفة للسرعة أنجزه عناصر من الدرك الملكي، بسبب امتناعهم عن تمكين السائق المخالف من الاطلاع على الصورة التي التقطها الرادار أو تحديد موقعه، ما فتح باب التساؤلات حول معايير الشفافية في تحرير المحاضر المرورية.
القضية، التي شغلت الرأي العام المحلي وتداولها عدد من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي بعد نشر تفاصيلها من طرف المحامي عبد الرحمان الباقوري، تعود إلى لحظة توقيف سائق عند مدخل المدينة، حيث أخبره الدركيون بتجاوزه السرعة القانونية المسموح بها، والمحددة في أقل من 30 كلم/س في تلك النقطة.
غير أن ما بدا مخالفة بسيطة تحولت إلى مواجهة قانونية، حين طالب السائق بحقه في معرفة تفاصيل المخالفة: أين تم التقاط الصورة؟ أين كان موقع الرادار؟ من عاين الواقعة؟ أسئلة مشروعة قوبلت، حسب نص الحكم، برفض وامتناع تام من العناصر المكلفة.
هذا الامتناع، الذي ألقى بظلال من الشك على ظروف ضبط المخالفة، شكل محور ارتكاز الحكم الابتدائي الذي اعتبر أن غياب المعاينة المباشرة ورفض كشف الأدلة يقوض أساس المحضر، ويجعله مفتقدًا للشرعية القانونية التي يجب أن تحيط بكل إجراء زجري.
القرار، وإن صدر في مدينة صغيرة كشفشاون، يحمل دلالة كبيرة في النقاش الوطني حول كيفية تطبيق القانون، وضرورة ضمان حق المواطن في الاطلاع والمساءلة، خاصة في حالات قد تكون فيها الوسائل التقنية كالرادار قابلة للتشكيك عند غياب الشفافية.
فهل يدفع هذا الحكم نحو مراجعة بعض الممارسات الميدانية لعناصر الدرك في تعاطيهم مع المخالفين؟ وهل يشكل بداية لتقنين أكبر لمساطر تحرير المخالفات؟ الأكيد أن المواطن اليوم أصبح أكثر وعيًا بحقوقه، وأن للقضاء كلمته حين يَختلّ ميزان العدالة.