قد لا يكون السقف قد انهار، وقد لا يكون خطرًا داهمًا يهدد أرواح المشجعين، لكن الحقيقة التي لا يمكن تغطيتها، أن ما تم فوق مدرجات مركب محمد الخامس لا يشبه مشروعًا صرفت عليه 22 مليار سنتيم.
إنه ليس عن سقف فقط. إنه عن سقف التوقعات الذي خُذل، وسقف الطموحات الذي تم خفضه عمدًا، وسقف الشفافية الذي يبدو أنه لم يُنجَز يومًا.
في أول اختبار جماهيري بعد الترميم، ظهر السقف في صور وتعليقات وكأنه شهادة مصورة على أن التسرّع غلب الجودة، وأن المظهر استُعجل قبل اكتمال الجوهر.
الجمهور لم يرَ في الهيكل المعدني المُعلَّق فوقه رمزًا للحماية، بل تذكيرًا بواقع البنية التحتية التي تتجدد على الورق قبل أن تنضج على أرض الواقع.
ورغم أن المسؤولين أسرعوا لقص شريط الافتتاح، فإن العيون كانت أسرع في رصد العيوب.
العيب هذه المرة لم يكن في تصدع أو سقوط، بل في الشكل العام، في التفاصيل، في ما يُفترض أن يكون “اللمسة الأخيرة” لكنه بدا وكأن المقاول نسي شيئًا وعاد ليكمله بعد فتح الأبواب.
المقلق أكثر، أن هذا المشروع لم يأتِ من فراغ أو نقص في الموارد. بل العكس، الميزانية الضخمة التي رُصدت توحي بأن ما كان منتظرًا يفترض أن يكون ملعبًا بمستوى عالمي، لا سقفًا غير مكتمل يُخجل مشجعيه، ويحرج سلطاته.
22 مليار صرفت على إصلاحات متكررة لنفس المركب، فإن الحديث لا يكون فقط عن رداءات تقنية، بل عن مسار طويل من الأسئلة دون أجوبة.
لماذا نُجدّد بدون إتقان؟ لماذا نُسرع الافتتاح قبل إنهاء الأشغال؟ ولماذا تبدو مشاريع البنية التحتية الرياضية وكأنها مسرح مفتوح للغموض والتأويلات؟
إنه ليس عن سقف، بل عن قيمة الملاعب كمؤسسات. عن إحساس الجمهور بأن المال العام لا يُصرف لصالحهم بل يُصرف “باسمهم”.
عن لعبة شدّ وجذب بين ما يُعلن في البلاغات، وما يظهر في الصور.
مركب محمد الخامس لا يطلب معجزة، فقط سقفًا يليق باسمه… وشعورًا عامًا بأن ما يُبنى فوق الرؤوس، لا يُدبّر في الخفاء.