خرج نادي قضاة المغرب ببيان شديد اللهجة ضد عبد اللطيف وهبي وزير العدل و الأمين العام لـ”البام”، يؤكد فيه القضاة أن خرجات الوزير ضد القضاة تعود لموقف المكتب التنفيذي لنادي القضاة الرافض للمشاركة في لقاء وطني منظم من لدن وزارة العدل، حول ملاءمة القوانين الوطنية حول الأسرة مع المواثيق الدولية، خصوصا وأن الدعوة لهذه المشاركة وجهها الوزير شخصيا وممهورة بتوقيعه.
وأشار أن غضب وهبي من النادي مرده أيضا تصورات نادي قضاة المغرب حول مشروعي تعديل القانونين التنظيميين المتعلقين بالسلطة القضائية المقدمين من طرف وزارة العدل، والتي بينت تهافت العديد من التعديلات المراد إدخالها على هذين القانونين، بل ومخالفَةَ بعضها للدستور وللإعلانات الدولية ذات الصلة باستقلالية السلطة القضائية، وهي التصورات المضمنة بالمذكرة التي تم تقديمها إلى مجلس النواب، في إطار إعمال مبدأ الديمقراطية التشاركية المنصوص عليه في الفصل 12 من الدستور، وكذا المادة 137 من النظام الداخلي للمجلس المذكور بخصوص تواصله وانفتاحه على كل مكونات المجتمع المدني.
وأكد النادي أن ما يؤمن به في كل نقاش عمومي، هو استحضار المصلحة العامة المتعالية على كل المشاعر الشخصية، وتقليص هامش الصراعات المطبوعة بالذاتية، والتأكيد على أن الفلسفة الواجب اعتمادها في تدبير أي نقاش هي تغليب تلك المصلحة بمنطق التوحيد بدل التفريق، وذلك عن طريق احترام الدستور والقانون والتوجيهات الملكية، وفق ما يستلزمه حب الوطن ومصلحته العليا التي هي فوق كل اعتبار، وليس بالغضب واستلهام “فقه المعارك”.
وشدد على أنه إذا ارتضى ارتضى وزير العدل استصدار إذن من جهة غير حكومية للقاء الجمعيات المهنية للقضاة، فهذا اختياره ومسلكه في التدبير لا يسعه إلا أن يحترمه، ولكن لا يحق له أن يفرض نفس الاختيار والمسلك على “نادي قضاة المغرب”، لأن هذا الأخير جمعية مهنية تمارس نشاطها بكل حرية واستقلالية، طبقا للفصل 12 من الدستور والمادة 2 من قانونها الأساسي المصادق عليه من قبل السلطات المعنية، ومختلف الإعلانات الدولية ذات الصلة، وأبرز أنه ليس مرفقا تابعا للمجلس ولا لغيره من المؤسسات، كما أن من جملة المبادئ التي تأسست على فكرتها، مبدأ فصل السلط كما هو منصوص عليه في الفصل 1 من الدستور.
من جهتها وجهت النائبة البرلمانية عن فيدرالية اليسار فاطمة التامني سؤالا كتابيا لوزير العدل عبد اللطيف وهبي، ترصد فيه أهم هذه الاختلالات وتطالب بتصحيحها، وقالت التامني في سؤالها إنه ومنذ الإعلان عن هذا الامتحان ظهرت عدة إشكالات، بدءا بالمنهجية الجديدة المعتمدة في الاختبار “QCM” عوض مواضيع تحريرية ذات صلة بالتشريع وبمنظومة العدالة، تبين قدرة المترشح على التحليل وتفكيك النصوص القانونية.
ونبهت البرلمانية إلى سوء تدبير الاختبار الكتابي سواء فيما يتعلق بعدم توفير الموارد البشرية الكافية لحراسة الامتحان أو من خلال تفشي ظاهرة الغش بشكل مهول دون أي تدخل من طرف المكلفين بالحراسة، ناهيك عن تسريب الاختبار الكتابي بعد دقائق قليلة من انطلاق الامتحان، وأضاف السؤال أنه “في الوقت الذي كان ينتظر فيه تدخل وزارة العدل للتحقيق في الاختلالات ومعاقبة المتورطين في عملية الغش تحقيقا لمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص، واحترام مهنة المحاماة، كانت المفاجأة بنتائج الاختبار الكتابي حيث بلغ عدد الناجحين 2.5 في المئة من مجموع المترشحين، وهو ما يؤكد رضوخ الوزارة لهيئات المحامين.
واستغربت التامني من مشاركة هيئات المحامين في عملية التصحيح الآلي للاختبار بعدما كان موقفها رفض الإعلان عن الامتحان ومقاطعته، وتوقف السؤال على ما تضمنته لوائح الناجحين من أسماء تربطها علاقة قرابة مع مسؤولين كبار بوزارة العدل أو نقباء ومحامين، مما يبين محاولة احتكار هذه المهنة من طرف فئة محددة وحرمان أبناء الشعب من حظوظهم في النجاح والترقي الاجتماعي.
وطالبت البرلمانية باتخاذ الإجراءات اللازمة لتصحيح هذا الوضع وإنصاف أبناء الشعب الذين تم حرمانهم من حقهم في اجتياز الامتحان بفرص متكافئة وعادلة، تمكنهم من تجاوز معيقات الفقر والتهميش والبطالة وتعيد الثقة في مؤسسات الدولة.
من جهته طالب رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، عبد الله بوانو، بفتح تحقيق في ما أثير حول نتائج مباراة شهادة الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة، وأبرز عبد الله بوانو، في كلمة خلال الاجتماع الأسبوعي للمجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، المنعقد يوم أمس الإثنين، أنه إذا صحّ ما نُشر حول التلاعب في نتائج هذه المباراة، فإن الأمر يُعد كارثة حقيقية.
وأوضح رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، أن المجموعة ستواكب موضوع نتائج مباراة شهادة الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة، من خلال مبادرات رقابية، وفق ما يتيحه النظام الداخلي لمجلس النواب، معتبرا أن “الموضوع مستفز ويستوجب كشف الحقيقة رفضا للمحسوبية والزبونية” ،معبرا عن أسفه “ختم الحكومة لسنة 2022 بهذه الفضيحة”، وأشار بوانو، “إلى أن مسألة النزاهة والشفافية لم تكن مطروحة من قبل، فلماذا طُرحت في المباراة التي أشرفت عليها الحكومة الحالية”، مشددا على أن “التحقيق وكشف الحقيقة هو ما سيزيل اللبس والغموض عن النتائج المعلنة لمباراة المحاماة”.
وتوقف بوانو، على تصريحات وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، معتبرا أنه “لا تليق بوزير وبرجل سياسة، وأنها تبعث برسالة سلبية، تتعلق بكون شروط النجاح في المباريات هي المال والاسم العائلي، على حساب عموم أبناء الشعب”.