واجهت المعارضة بمجلس المستشارين، رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، بأرقام ومعطيات إفلاس المقاولات وضعف تمويل البنوك وجشع المؤسسات المالية تجاه الشركات، وفرض المؤسسات المالية لمجموعة من المعاملات تراهن على التقليل من المخاطر وضمان القروض والتمويل، عوض تشجيع الاستثمار ودعم المقاولات كبنوك مواطنة، تساهم في بناء الاقتصاد الوطني.
وحاول رئيس الحكومة ، التقليل من حدة ظاهرة إفلاس المقاولات بالمغرب، وقال إن “النسبة الإجمالية للشركات التي تموت سنوياً في بلادنا عادية جدا، ووفق المعايير الدولية، مثل ما هو موجود أيضاً في فرنسا وبلجيكا وإسبانيا”، وشدد العثماني خلال جداله مع المعارضة بمجلس المستشارين، إلى عدم الخلط بين المقاولات التي تفلس وبين المقاولات التي تغلق برضاها.
وواجهت المعارضة من فريق الاستقلال والوحدة والتعادلية ومستشاري حزب التقدم والاشتراكية وفريق “الباطرونا”، رئيس الحكومة برقم إفلاس أزيد من 8053 شركة خلال الـ12 شهرا الماضية، حيث أوضح رئيس الحكومة، أن إفلاس المقاولات يجب أن يحتسب من قبل القضاء، معتبرا أن الاحصاء يجب أن يشمل عدد المقاولات الجديدة عوض المقاولات التي أعلنت “موتها”، موضحا أن معدل المقاولات الجديدة عرف إحداث 92 ألف مقاولة مقابل موت 7942 مقاولة”.
و سجل الفريق الاستقلالي أن أزيد من 8000 مقاولة تعلن عن إفلاسها سنويا، مؤكيدن، أن أكثر من 50 ألف مقاولة اعلنت إفلاسها منذ 2012، مما يعني أن ما يقارب 250 ألف أسرة تضررت من الإفلاس.
وتساءل الفريق الاستقلالي، خلال جلسة عمومية حول رئيس الحكومة ” هل الحكومة واعية فعلا بمشاكل المقاولات الصغرى والمتوسطة والصغيرة جدا؟”.
وشدد الفريق الاستقلالي أن الحكومة من “تتعامل مع المقاولات الصغرى والمتوسطة بقلة اهتمام ، حيث لم توفر إلا سطرين يتيمين في قانون المالية بخصوص المقاولات”.
وسجل الفريق، أن الأبناك تعامل المقاول كزبون ، في غياب أية شراكة ومواكبة وإرشادات، والبنوك تتهرب من تحمل مسؤوليتها لدعم المقاول، متسائلين ” هل الحكومة تستطيع أن تتكلم بواقعية مع الأبناك؟.
وكشف عبد الإله حفظي، رئيس فريق “الباطرونا” بمجلس المستشارين، على أن الدراسات الأخيرة اكدت أن 8053 شركة أعلنت إفلاسها خلال الـ12 شهرا الماضية، فيما تم تسجيل إفلاس قرابة 5574 مقاولة جديدة في الفترة ما بين يناير وشتنبر الماضي، أي بارتفاع بنسبة حوالي 10% كمعدل سنوي خلال السنوات الثلاث الأخيرة، بسبب صعوبات ولوجها إلى التمويل.
وأشار حفظي، إلى أن المقاولات الصغرى والمتوسطة تشكل 95% من النسيج الاقتصادي الوطني، منها 70.000 وحدة مسجلة، تخلق 50% من مناصب الشغل بالمغرب، وتساهم بـ20% في ما يخص القيمة المضافة وبـ30% في الصادرات، وبـ40% في الإنتاج الصناعي، دون احتساب المقاولات الصغرى جدا التي تشكل ثلاثة أضعاف عدد المقاولات الصغرى والمتوسطة “210.000 وحدة”.
واستغربت أمال العمري، عضو فريق الاتحاد المغربي للشغل بمجلس المستشارين، من تدبير حكومة سعد الدين العثماني ، وغياب التقييم والتقويم للبرامج السابقة، موضحة أن الحكومة اختارت الاستمرار في اجترار برامج سابقة، دعمتها الحكومات السابقة كالمقاولين الشباب و”مقاولتي”.
وتساءلت العمري بمجلس المستشارين، ” لماذا لم تتدخل الحكومة لوقف نزيف الإفلاسات التي عصفت بمشاريع الشباب وأدت بهم إلى ردهات المحاكم حيث تتابع اليوم 1533 أمام القضاء، من أصل1862 مقاولة توجد ملفاتها أمام القضاء”.
وقالت العمري خلال مسائلة العثماني، حول “السياسة العامة للحكومة لتفعيل مساهمة القطاع البنكي والمالي في التنمية والتشغيل الذاتي ودعم المقاولات الصغرى والصغيرة جدا”، أن الحكومة لا يمكن أن تتنصل من مسؤوليتها بوضع الاستشرافات وإيجاد الآليات، بل عليها تسطير البرمجة المضبوطة، والتنفيذ الدقيق، والتتبع المستمر، والتقييم إن على المستوى الوطني أو الجهوي أو المحلي.
وطالبت العمري، بضرورة البحث بوضع آليات أخرى لتمويل أصحاب المشاريع الفردية الناشئة، من قبيل بنوك الاستثمار أو التمويلات البديلة، بعدما سجلت العماري انفتاح الحكومة على التمويلات التعاونية التي أظهرت نجاعتها في العديد من الدول الأوربية كإنجلترا وفرنسا وغيرها من الدول كالشيلي، حيث أكدت المستشارة البرلمانية على ضرورة الإسراع باعتماد الإطار المرجعي لهذه التمويلات والتعريف بها وتبسيط مساطرها، وخلق لجان مشتركة بين الحكومة وبنك المغرب والقطاع البنكي لتلعب الدور الاستشاري والإرشادي بتتبعها لعملية التمويل.
و دعت العمري القطاع البنكي إلى توسيع تغطيته لكل المناطق في المغرب، وكذا لكل الشرائح الاجتماعية، علما بأن نسبة التغطية البنكية لا تتعدى 56%.، و سجلت العمري بإيجاب التفاعل السريع للحكومة والمؤسسات المالية بإحداث ” صندوق دعم تمويل المبادرة المقاولاتية” ابتداء من فاتح يناير 2020، كما ورد في مشروع قانون المالية الذي رصد له 6 ملايير على مدى 3 سنوات في إطار شراكة بين الدولة وبنك المغرب والمجموعة المهنية للأبناك، يخصص لدعم المقاولين الشباب والمقاولات الصغرى والمتوسطة، خاصة المصدرة نحو إفريقيا.