اليوم نفهم لماذا أصر جلالة الملك محمد السادس أثناء صياغة دستور 2011، وقبل عرضه على التصويت الشعبي، على رفع سن بلوغ ولي العهد إلى 18 سنة، أي السن التي يحق له فيها تولي الملك، وذلك للإقرار بأنه واحد من أبناء الشعب المغربي، الذين لا يحق لهم تولي أي وظيفة قبل بلوغ السن القانوني بل إنجاز أي شيء دون إذن من ولي الأمر، وولي العهد مثله مثل أبناء الشعب المغربي يبلغ السن السن القانوني عند السنة 18 من عمره وليس ستة عشر كما كان في السابق.
اليوم نفهم أن ذلك نوع من الفهم الكامل والمتكامل والشامل لما هي العلاقة بين جلالة الملك والشعب، اي علاقة الشفافية التامة والحب المتبادل. الإعلان عن مرض جلالة الملك لا تقره قوانين جارية ولا قواعد مرعية، ولكن اقتضته الشفافية كما يراها جلالته، اي أنه المواطن المغربي، الذي وضعه أقدار الله في قيادة البلاد ولا يختلف عنهم في شيء ولا يخفي عنهم شيئا، ولا يوجد من الرؤساء من يكشف عن مرضه إلا من اضطرته الشائعات والإشاعات لذلك، بينما جلالته على خلاف ذلك قرر منذ فترة وطواعية ودون طلب من أحد أن يعلن للشعب عن وضعه الصحي.
الإعلان عن المرض قمة الشفافية، بين ملك هو رئيس الدولة وهو قائد الجيش وهو حامي الحمى والملة والدين، لكن في وضعه الإنساني الطبيعي لا يختلف عن باقي شعبه، وكما يحس جلالته بشعبه يحس به شعبه، الذي أعلن امتنانه لجلالته ودعاءه له بالشفاء العاجل عبر مختلف الوسائل.
هذا الإعلان عبارة عن حب متبادل بين ملك وشعبه، ولا علاقة له بقصة حاكم ومحكوم، ففي الغالب الحاكم يخفي كل شيء عن المحكومين، لكن هذه قمة المواطنة حيث يتم اشتراك الخبر عن الملك المواطن بين جميع فئات الشعب دون تركه للصالونات، التي تتناوله أحيانا بطريقة غير معقولة.