الشراكة الأوروبية المغربية ضرورة وحتمية تفرضها الجغرافية قبل أي شيء آخر، ولا يمكن التفاعل مع الاقتصاد والسياسة والتبادل التجاري وتبادل المنافع والمصالح دون النظر بقوة إلى الجغرافية، التي إذا اجتمعت بتاريخ جيد وحاضر مستقر وتطلع واضح إلى المستقبل تصنع درسا كبيرا في تعامل الدول والكيانات فيما بينها، وهكذا بدأت الشراكة بين الاتحاد الأوروبي، منذ أن كان لجنة اقتصادية تضم ست دول، والمغرب، حيث رغم تأرجح هذه العلاقة فإن الثابت فيها هو الاستمرار حتى لو تغيرت أشكالها.
اليوم يحج مسؤولو الاتحاد الأوروبي، الذي تحول إلى كيان سياسي واقتصادي يضم 28 دولة، إلى الرباط لبحث مسار ومصير الاتفاقيات الموقعة والقابلة للتجديد. المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية، ييلفايوهانسن، قالت إن المغرب يعد شريكا “موثوقا للغاية” يسعى الاتحاد الأوروبي لمواصلة الشراكة المتميزة التي تجمعهما…”يجمعنا بالمغرب تعاون جيد جدا وشراكة متميزة للغاية”. وعبرت عن رغبة الاتحاد الأوروبي في مواصلة ” هذه الشراكة الجيدة” وتعزيزها، لتشمل قضايا أخرى غير الأمن والهجرة.
كل كلامها انصب على رغبتها في “العمل بشكل أوثق” مع المملكة، وعن الاستعداد للاستفادة من التجربة المغربية…
المغرب والاتحاد الأوروبي والشراكة بينهما قصة طويلة لا يمكن بأي حال من الأحوال العبور حولها دون الغوص في أطوارها فهي جزء من التاريخ والجغرافية، فهي قدر الجوار وأقدار التعاون، فقدر أوروبا هو المغرب وقدر المغرب هو أوروبا، فبلادنا بوابة كبيرة للانفتاح على قارتين، ولا يمكن بأي حال من الأحوال مقارنتها بباقي الدول، وهذه ميزة معطاة من الله، الذي له الحمد والشكر، والميزة الثانية، التي تجعل دولا من العالم تهفو نحونا هي العمل الجبار الذي تم إنجازه من خلال تحويل المغرب إلى بلد آمن وموثوق.
الشراكة بداية لم تكن سوى تعاون اقتصادي، ثم أصبحت تعاونا سياسيا وأمنيا، وصولا إلى منح المغرب صفة الشريك الاستراتيجي وهو أول بلد في حوض المتوسط ينال هذه الصفة، التي لم يحظ بها غيره، وهي صفة مبنية على تطورات جذرية عرفها المغرب، وبنيات متطورة واستقرار أمني.
لا يمكن الفصل بين الأمن والاستثمار في أي بلد، وكما يقال الرأسمال جبان، وبالتالي هو في حاجة ماسة إلى من يحميه، ولا يستطيع المغامرة في بلدان غير مستقرة وتعرف اضطرابات سياسية واجتماعية، ولهذا نجد كثيرا من البلدان الغنية بالثروات ومع ذلك شديدة التخلف لأنها غير قادرة على جلب الاستثمارات، وبالتالي هذا الربط مهم للغاية.
اليوم يعرف المغرب تطورا جديدا يتمثل في تطهير معبر الكركرات من دنس المرتزقة الذين عبثوا فيه لسنوات طويلة، عندما يقترب موعد إصدار التقرير الأممي، أو عندما يتم تنظيم أي نشاط رياضي وخصوصا رالي باريس داكار، الذي غير مكان انطلاقه مرات عديدة، واليوم بعد تأمين الممر بشكل نهائي ولا رجعة فيه وتطهير المنطقة يمكن العودة إلى المسار الطبيعي للرالي.