إدريس عدار
التواصل زمن الأزمات يختلف عن التواصل في غيره من الأزمنة، وإن كانت الحياة اليوم يمكن تلخيصها في أزمة متجددة ومتولدة، خلف كل أزمة تختفي تولد أزمة جديدة، والبحث عن الحل أحيانا هو صناعة للأزمة، بمعنى أن الحياة مجرد تدبير للأزمات المتوالية، التي تختلف فقط في الصيغة والمستوى.
كورونا خلقت أزمة، وربما كان الفيروس جزءا من البحث عن حل لأزمات سابقة، وربما هو ناتج عن استفزاز كبير لأمة نائمة من الفيروسات، والاستفزاز كان في سياق البحث عن حل، وربما تصبح الأزمة حلا أو أزمة يكون البشر قادرا على تحملها عكس ما نعيشه اليوم. الأزمة اليوم تعيد التساؤلات الكبرى إلى الوجود. لماذا يخرب الإنسان الطبيعة كي يعيش؟ هل من الضروري أن يفسد في الأرض كي يبقى ويواصل مسيرة الوجود؟
الأزمة عامة وكونية لكنها تتخذ شكلها الخاص لما تصل إلى كل بلد. الأزمة الصحية في المغرب مختلفة عن باقي البلدان، نلتقي في الخوف من الفيروس ونختلف في التعاطي معه. وحتى لما تصبح الأزمة محلية فهي تتخذ أشكالا أخرى في كل منطقة من المناطق. كل واحد يتعامل بطريقته الخاصة والمتفردة مع الإجراءات والاحتياطات الصحية. بل داخل العائلة الواحدة تعثر على أنماط من هذا التعامل.
من يضع الكمامة للوقاية ليس هو من يضع الكمامة تجنبا للغرامة. مقبلون على حملة التلقيح الواسعة النطاق. الناس لا تعرف شيئا عن اللقاح وعن الطريقة. لا ننكر وجود حملة تواصل جيدة ممهدة لهذه العملية. المشكلة أنها تصطدم بغياب المصداقية لدى الفاعل الحكومي. وزيرا كان أو مديرا. تصرفات الحكومة جعلت الناس تهاب أي شيء يخرج من مكاتبها. ليست المشكلة في اللقاح. علما هناك ما هو مطمئن ومؤكد. شعبيا لا وجود للمنطق. يتحكم الوجدان في حركة المجتمع كما تتحكم فيه الإشاعة والشائعات.
ليس ذنب المجتمع أن يصدق كل ما يلقى بعد أن تخلت العديد من المؤسسات عن مسؤوليتها تجاهه. من أفسد الإعلام العمومي لسنوات عديدة لا ينتظر منه اليوم أن يقوم بأي دور في مواجهة الأخبار الزائفة والمعلومات المفبركة. من سلط التفاهة على التلفزة والراديو لا يمكن أن ينتظر منهم اليوم مساهمة في الوعي.
أزمة تواصل نعيشها منذ زمن بعيد. كان مفروضا أن تكون الحكومة قد تدربت على تواصل الأزمة من خلال الأزمات المتولدة، لكنها ارتكنت إلى بعض النجاحات وظنت أن العام “زين” ستتبعه أعواما غاية في الروعة. لكن فاجأتنا كورونا بنت الفيروس التاجي الغاضب من الإنسان، هذا الكائن الأناني الذي استغل الطبيعة دون رحمة ولا هوادة. مفاجأة غريبة لم يكن يدور في خلد حكومة مرتاحة البال أننا سندخل نفقا خطيرا. لم يبق اليوم سوى اقتحام التواصل من خلال صيغ أخرى بعيدة عن إعلام فسد بفعل فاعل قصد الفعل الجاد من خلال الإعلام البديل. خيار ممكن.