أدخلت ضرائب حكومة أخنوش، قطاعات مهنية في “شبه عطالة”، ودفعت ضرائب الحكومة الجديدة بالقطاعات المهنية الحرة للخروج الى الشارع للاحتجاج وترك مكاتبهم وعياداتهم و مقرات العمل للتعبير عن الغضب و التنديد بضرائب فرضتها حكومة أخنوش على عدد من المهن الحرة، حيث اشتكى أطباء القطاع الخاص من الإكراهات الجبائية التي يعانون منها، وعبروا عن رفضهم التام للمقتضيات المجحفة التي جاء بها مشروع قانون مالية 2023، لا سيما مبدأ التضريب على رقم المعاملات وليس الأرباح ومبدأ الاقتطاع من المنبع.
واعتبر أطباء القطاع الحر ، أن المقتضيات الضريبية الجديدة من شأنها خلخلة التوازنات المادية للعيادات والمختبرات الطبية الصغرى وتقويض ديمومة عملها، وطالبت تسع هيئات لأطباء القطاع الحر، الحكومة بإلغاء ضريبة الاقتطاع من المنبع لكونها تشكل ثقلا ضريبيا مضاعفا للطبيب كما أنها تتعارض ومبدأ التصريح الضريبي المعمول به في المغرب.
ودعا الأطباء إلى مراجعة تضريب المهن الصحية مراعاة للخدمات التي تقدمها، خاصة وأن 70 في المئة من الخدمات الصحية بالمغرب يقدمها القطاع الخاص، كما شددت نقابات القطاع الخاص على ضرورة مراجعة التعريفة المرجعية التي تراوح مكانها منذ 2006 في ضرب صارخ للقانون الذي يوجب مراجعتها كل 3 سنوات لتمكين المواطن من ولوج الخدمات الصحية كحق دستوري لكل فرد من المجتمع المغربي.
و خرج أصحاب المهن الحرة للإحتجاج على ضرائب حكومة أخنوش أمام البرلمان ، ورفع المحتجون من المحاسبين و أطباء الأسنان و الصيادلة و المروضين الفزيائيين و المبصاريين، شعارات تساءل الحكومة عن التمييز بين القطاعات و المهن ونهج سياسة إفقار الفقير و إغناء الغني، معاتبين الحكومة على فرض ضرائب مجحفة في حق المهن الصغيرة و استثناء قطاعات المحروقات و الشركات الكبرى من الضرائب،
وصدح الغاضبون من المحاسبين المعتمدين وصيادلة وأطباء الأسنان القطاع الخاص والمبصاريين والمروضيين الفيزيائيين أمام البرلمان ، بشعارات “الاقتطاع ماشي مشروع والحكومة لازم تْطُوعْ”، “حكومة المصائب تاتزيد في الضرائب”، ” حكومة الباطرونا بالضرائب قهرتونا”.
و أجمعت هيئات سياسية و حقوقية على غياب رؤية جادة للحكومة في تنزيل مفهوم الدولة الاجتماعية، وطرح ضرائب تساهم في محاربة الفوارق الاجتماعية والحفاظ على القدرة الشرائية للمغاربة وتحقيق العدالة الجبائية، حيث شددت المعارضة على أن ” الحكومة لم تقدم أي إشارة بخصوص محاربة الفساد ضمن مشروع قانون المالية، بحيث تم التعامل مع مكافحة الفساد واقتصاد الريع كما لو كانا عابران وليسا مصدرا للمشاكل كلها.
واعتبرت المعارضة، أن الإصلاح الضريبي ما زال متعثرًا، مما يحرم البلاد من موارد إضافية يقدرها البنك الدولي بـ 12 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي، أي ما يعادل 160 مليار درهم، و أن هذا المبلغ كاف لتغطية نفقات أربع قطاعات ذات بعد استراتيجي (التربية الوطنية، التعليم العالي، الصحة والحماية الاجتماعية، الدفاع الوطني).
واعتبرت المعارضة، أن العنوان العريض لمشروع قانون المالية هو الفشل الحكومي في مباشرة الإصلاحات الجوهرية التي تتطلبها الدولة الاجتماعية، ليس كشعار للاستهلاك السياسي، وإنما كقناعة فكرية وإيديولوجية، وأكدت، أن المشروع لا يتضمن أي تدابير حقيقية تخص الإصلاحات الضرورية من قبيل الإصلاح الجبائي، وإصلاح المؤسسات والمقاولات العمومية.
وأشارت الى أن المجال الضريبي في المغرب لم يعرف منذ سنة 1987 أي إصلاح هيكلي شامل، على الرغم من أن الاقتصاد الوطني خضع لتغييرات جذرية أدت إلى بروز قطاعات صناعات جديدة، استفاد البعض منها من الظرفية الحالية، وعلى رأسه سوق المحروقات وصناعة الأدوية، وأضاف أنه مع ذلك لم تتم مباشرة الإصلاحات الأكثر إلحاحا من أجل توسيع الوعاء الضريبي، مما أدى إلى استمرار الضغط الضريبي على الموظفين والأجراء، وارتفاع الضريبية على القيمة المضافة.
وكانت أمينة بوعياش رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، اشارت الى أن المشروع الاستراتيجي للمغرب بعد أزمة كوفيد هي الحماية الاجتماعية، والتي أفردت لها ميزانية تبلغ 51 مليار درهم، نصفها ممول من الدولة، والنصف الآخر من تمويلات المشتركين، متسائلة هل سيتوج هذا المشروع الطموح بالنجاح، وأضافت: “ندير وضعا ضاغطا يتطلب الكثير من الحوار والتفاوض والاستماع، وفاعلين مؤسساتيين قادرين على إيجاد كل هذا”.
واعتبرت بوعياش أن ورش الحماية الاجتماعية هو مجرد دعامة أو عنصر واحد من الدولة الاجتماعية لأن هذه الأخيرة أعم وأشمل، لكن الحكومة تقدمه على أساس أنه هو الدولة الاجتماعية.
وأكدت أن مفهوم الدولة الاجتماعية لازالت فيه بعض الالتباسات خاصة بالنسبة للفاعلين الحقوقيين، لأنه يتضمن العديد من النماذج التي لا تفرز بالضرورة نتائج إيجابية، وسجلت على أن الدولة الاجتماعية تقوم على عدة تصورات ومنها، التصور السوسيو ديمقراطي، والذي يتم على أساسه تمويل هذا المشروع بواسطة الضرائب، ثم النموذج القائم على التكتلات المهنية.