كشف تقرير لمنظمة الزراعة والغذاء أن المغرب لا يزال يعتمد بشكل كبير على استيراد حاجياته من الغذاء، خاصة فيما يتعلق بالحبوب بمختلف أنواعها، والسكر، مما يجعل جزءا كبيرا من أمنه الغذائي رهينا بدول أخرى، وأكدت المنظمة في تقريرها حول “توقعات الأغذية” أن تراجع إنتاج المغرب للحبوب في السنوات الأخيرة بسبب ضعف التساقطات، فاقم من حاجته للاستيراد من أجل تغطيته حاجيات سكانه، ففيما يخص القمح اللين الذي يعتبر المغرب سادس أكبر بلد يستهلكه، أوضح التقرير أن حجم الاستيراد انتقل من 5 ملايين طن ما بين 2019 و2022 إلى 6.5 ملايين طن في موسم 2022/2023، وهي نفس الكمية التي ينتظر أن يستوردها المغرب في موسم 2023/2024.
وتشير الأرقام التي عرضها التقرير، أن حجم استيراد هذه المادة الأساسية في مائدة المغاربة، يفوق بكثير حجم الإنتاج، والذي انتقل من 4.7 مليون طن ما بين 2019 و2021 إلى 2.5 مليون طن في 2022، ثم يتوقع أن يصل إلى 3.7 مليون طن هذه السنة.
ولا يختلف الأمر مع القمح الصلب، حيث يستورد المغرب ضعف ما ينتجه، ففي الوقت الذي يتوقع أن ينتج المغرب 1.3 ملايين طن هذه السنة، تكشف أرقام “الفاو” أن حجم الاستيراد سيبلغ 2.2 مليون طن.
وبخصوص الشعير، فإن حجم الاستيراد يبلغ نصف مليون طن، مقابل 1.2 مليون طن كحجم إنتاج لهذه المادة بالمغرب خلال سنة 2023، وعلى العكس من ذلك، يبلغ حجم استيراد الذرة 1.7 مليون طن، وهي المادة التي يكاد لا ينتجها المغرب.
وترتفع نسب الاستيراد بالنسبة للسكر، فالمغرب الذي ينتج 0.4 مليون طن، يعتمد على الاستيراد بشكل كبير لتغطية حاجياته، حيث يبلغ حجم الاستيراد 1.5 مليون طن، وهو ما يعني أن أزيد من ثلاثة أرباع ما يستهلكه المغاربة يأتي عن طريق الاستيراد.
تأكيد التقرير لحاجة المغرب للاستيراد من أجل تحقيق متطلباته من هذه المواد، يأتي في الوقت الذي تستمر فيه الأصوات بالتعالي وتنبيه الحكومة إلى ضرورة العمل على تحقيق أمنه الغذائي والزيادة من إنتاج الحبوب، في الوقت الذي تعتبر فيه الحكومة أن سلسلة الحبوب من السلاسل التي تبقى مرتبطة بشكل مباشر بالأمطار، وهي من السلاسل الأقل تشغيلا، لذلك لم يركز عليها مخطط المغرب الأخضر، الذي جاء بهدف الرفع من فرص الشغل، حيث وجه العناية لسلاسل الأشجار المثمرة والخضر وقطاع اللحوم الحمراء التي من أكثر السلاسل تشغيلا وإنتاجا للثروة.
توقعت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة “الفاو”، ألا يتجاوز محصول الحبوب بالمغرب خلال سنة 2023، ما مجموعة 3.7 مليون طن، وهو ما يقل بـ1.8 مليون طن عن توقعات الحكومة المغربية.
وأفادت منظمة “الفاو” في تقرير حول “توقعات الأغذية” أن المغرب سيشهد هذه السنة ارتفاعا في المحصول بالمقارنة مع السنة الماضية، لكنه سيظل أقل من المتوسط بـ 35 في المئة، ورغم اعتبار المنظمة أن المغرب هو أقل بلد تضررا في منطقة شمال إفريقيا ارتباطا بمحصول الحبوب، إلا أنه بدوره لم يسلم من التبعات السلبية للجفاف والنقص الكبير في التساقطات المطرية هذا الموسم، رغم الزيادة في المساحة المزروعة بالقمح.
وتأتي توقعات منظمة الأغذية والزراعة بعد أسابيع من إصدار وزارة الفلاحة بلاغا تتوقع فيه أن يبلغ إنتاج الحبوب الثلاث الرئيسية هذا الموسم 5.51 مليون طن، بدل 3.4 مليون طن المسجلة في الموسم الماضي، بارتفاع يبلغ 62 في المئة.
منظمة “الفاو” أشارت في تقريرها إلى أن المغرب يعد من بين أكثر الدول المستورد للحبوب على الصعيد العالمي، حيث يحتل الرتبة السادسة بعد كل من مصر وإندونيسيا وتركيا والجزائر والصين.
كما تشير أرقام المنظمة إلى أن واردات المغرب من القمح عرفت ارتفاعا خلال السنوات الأخيرة، حيث بلغت حوالي 6 ملايين طن في السنة الماضية، لكن هذه الواردات مستمرة في الارتفاع، وستتخطى حاجز 6 ملايين طن في موسم 2023/2024، مما سيسهم في ارتفاع أكبر لفاتورة الغذاء.
وحذر تقرير أعده مركز ” كوبرنيكوس” العالمي للجفاف ونشرته المفوضية الأوروبية على موقعها الرسمي، من أن دول غرب البحر الأبيض المتوسط تواجه جفافا شديدا أدى إلى انخفاض تدفقات الأنهار، وضعف نمو المحاصيل.
وأشار التقرير أن الجفاف الشديد في غرب البحر الأبيض المتوسط أدى إلى شح المياه في المنطقة، وتقليل رطوبة التربة وتدفقات الأنهار وضعف نمو النباتات والمحاصيل خلال موسم نموها الحاسم، وأضاف أن أجزاء كثيرة من دول غرب البحر الأبيض المتوسط، تعرف انخفاضًا مستمرًا في هطول الأمطار لأكثر من عام، وقد تسبب هذا، إلى جانب فصل الشتاء والربيع الجافين والدافئين بشكل استثنائي، إلى حدوث جفاف شديد في المنطقة، وبذلك من المتوقع أن ترتفع درجات الحرارة أكثر في الصيف.