في خطوة دبلوماسية وازنة، جددت جمهورية كينيا دعمها القوي لمخطط الحكم الذاتي الذي تقترحه المملكة المغربية كحل دائم لقضية الصحراء، مؤكدةً في بيان مشترك عقب زيارة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة، لنظيره الكيني موساليا مودافادي، أن هذا المخطط يمثل “المقاربة المستدامة الوحيدة” لتسوية النزاع.
الموقف الكيني لم يكن مفاجئاً، بل يعكس التطور المتسارع في مواقف العديد من الدول الإفريقية المؤثرة، التي ترى في المبادرة المغربية للحكم الذاتي حلاً واقعياً وموثوقاً، يجنب المنطقة أزمات مزمنة، ويعزز الاستقرار الإقليمي. واعتبرت كينيا أن هذا التوجه يحظى بدعم واسع من المجتمع الدولي، بما في ذلك قرارات مجلس الأمن الدولي، لا سيما القرار 2756 الصادر هذا العام.
هذا الموقف لم يُتخذ بمعزل عن إدراك نيروبي للدور المتنامي الذي تضطلع به الرباط، بقيادة جلالة الملك محمد السادس، في ترسيخ التعاون جنوب-جنوب، ودعم الاستقرار في القارة الإفريقية، من خلال مبادرات تنموية ملموسة، كتلك التي تهدف إلى تسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، عبر ربط شبكات النقل والاتصال الإقليمية.
وفي هذا السياق، نوه الوزير الأول الكيني موساليا مودافادي بمبادرات جلالة الملك محمد السادس، خصوصاً “مبادرة دول إفريقيا الأطلسية”، التي تحوّل هذا الفضاء إلى منصة استراتيجية للتعاون والتشاور، بعيداً عن أي اصطفاف إيديولوجي أو سياسي ضيق.
مصادر دبلوماسية مغربية أفادت بأن البيان المشترك الصادر عقب اللقاء، يعكس حرص البلدين على دعم جهود الأمم المتحدة الرامية إلى التوصل لحل سياسي دائم للنزاع، مشددين على أهمية الإشراف الحصري للأمم المتحدة في المسلسل السياسي الأممي المتعلق بالصحراء. وعبّر البيان كذلك عن تقدير المغرب لموقف كينيا الداعم لجهود الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي.
ويأتي هذا الموقف في سياق الدينامية المتصاعدة التي تشهدها الدبلوماسية المغربية في القارة السمراء، بعد سلسلة من الانفتاحات والتقارب مع عواصم إفريقية وازنة، بما يعزز مكانة المغرب كشريك موثوق في جهود التنمية والاستقرار، وكفاعل إقليمي قادر على طرح حلول عملية لقضايا شائكة ومعقدة مثل ملف الصحراء.
وبينما رحبت الأوساط السياسية المغربية بهذا الموقف الكيني، الذي يعزز المكاسب الدبلوماسية المتراكمة للمملكة في إفريقيا، ترى مصادر الشرق الأوسط أن الرهان الآن يتمثل في توسيع دائرة هذا الدعم ليشمل المزيد من الدول الإفريقية، بما يساهم في تعزيز المقاربة المغربية ويدفع بملف الصحراء نحو حل عادل ومتوازن، يرتكز على الحكم الذاتي الموسع في إطار السيادة المغربية.