في خضم التوترات القانونية والسياسية التي تلقي بظلالها على علاقات المغرب والاتحاد الأوروبي، خرجت إسبانيا لتؤكد موقفها الثابت في دعم الشراكة الاستراتيجية مع الرباط، حتى بعد قرار المحكمة الأوروبية الإبقاء على إلغاء اتفاقات تجارية بين الطرفين على خلفية ملف الصحراء الغربية.
وخلال لقاء جمعه بنظيره المغربي ناصر بوريطة، في مدريد يوم الخميس، شدد وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس على أن المغرب يتمتع بـ”وضع مميز” داخل المنظومة الأوروبية، معبّرا عن رغبة بلاده في تعميق هذا الوضع لا التراجع عنه.
وقال ألباريس: “نريد أن نمنح دفعة جديدة لهذه العلاقة عبر عقد مجلس شراكة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب”، في إشارة إلى الحاجة لإعادة ترتيب الأوراق وإحياء قنوات التعاون رغم المعوقات القضائية.
وتعود جذور العلاقة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب إلى اتفاقية الشراكة الموقعة عام 1996، والتي هدفت إلى تسهيل التبادل التجاري، خصوصاً في قطاعات حيوية مثل الزراعة والصيد البحري. لكن الخلاف الطويل الأمد حول الصحراء الغربية لا يزال يلقي بثقله على هذه الروابط.
المنطقة، التي تعتبرها الرباط جزءاً من أراضيها، في حين تطالب بها جبهة البوليساريو بدعم من جهات دولية، تظل نقطة خلاف حرجة، دفعت المحكمة الأوروبية إلى تعليق تطبيق بعض الاتفاقات بدعوى أنها تشمل موارد قادمة من الصحراء، دون موافقة “شعبها”.
ورغم هذا التوتر، تظهر إسبانيا اليوم كصوت أوروبي داعٍ للتهدئة والتوازن، مدركة لحجم المصالح المشتركة مع المغرب، سواء في مجال التجارة أو محاربة الهجرة غير النظامية أو قضايا الأمن الإقليمي.
الرسالة الإسبانية كانت واضحة: الشراكة مع المغرب لا يمكن أن تُجمّد بقرار محكمة، بل يجب أن تُدار بالحكمة، وتُستثمر سياسياً للحفاظ على الاستقرار والتعاون في منطقة المتوسط.