يعتقد كثيرون أن عبد الإله بنكيران رجل عبثي ومتهور ويقول ما يأتي على لسانه، وهذا خطأ شائع لأن من يعرف الرجل أنه منذ دخل “الدعوة” تم “السياسة” وهو يحسبها جيدا، بغض النظر عن مضمون حساباته، بل يختار المكان والزمان ويختار حتى الكلمات، وكثير منها أصبح اليوم من المتداول العادي، ولهذا يأتي خروجه الإعلامي عقب صلاة التراويح، أي بعد أن يكون المغاربة تخلصوا من عناء صوم حار وصلوا صلاتهم الرمضانية حتى يتفرغوا لسماع أي كلام، يأتي هذا الخروج في وقت دقيق ليكشف عن أمور كثيرة منها ما يضر به هو شخصيا، لكن في الجملة تعتبر “سلخة” كبيرة لأخنوش.
قبل الحديث عن أخنوش لابد من الإشارة إلى وزيرة من وزرائه، وسلوكها بالكامل يعزز ما ذهبنا إليه قبل أن يتم تضمينه في كلام بنكيران، ويتعلق الأمر بليلى بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي، التي كادت أن تتسبب في كارثة اجتماعية، بعد إعلانها عن مخزون استراتيجي للمحروقات لا يتجاوز 26 يوما، مما تسبب في هلع لدى المواطنين.
ومشكلة هذه الوزيرة، التي تلخص مشكلة الحكومة برمتها بدءا من رئيسها، هو التعالي على الموظفين الذين يحتلون مناصب سامية، والاعتماد على أشخاص من خارج الوزارة، فالقانون منح الوزراء حق اختيار المستشارين، لكن هؤلاء مستشارون في إطار السياسة أما من يعرف القطاع تقنيا فهم الموظفون، وجاءت بكاتب عام من قطاع البيئة لا يفهم “حرفا” في قطاع خطير يمثل المشي على البيض.
وزيرة تعتمد على رأي أناس لا يفهمون حتى معنى المخزون الاستراتيجي لتقول كلاما، تضطر، بعد قرصة أذن، إلى التراجع عن هذا الكلام في تصريح بدون مناسبة تقول فيه إن المخزون المتوفر من المحروقات يغطي 57 يوما، فكلامها الأول كارثي ويمكن أن يؤدي إلى اضطرابات اجتماعية تنتج عن الاحتجاج أو البحث عن التخزين الذاتي وهو أمر خطير.
لم يكن عزيز أخنوش ينتظر ردا من بنكيران بهذا الشكل، وصدق ما أوحى له به فريق عمله الذي صاغ خطابه الذي ألقاه بالبرلمان، اعتمادا على قول بنكيران إنه لن يقول لأخنوش إرحل، حتى صعد هذا الأخير في ليلة رمضانية فقال إن كنت قلته في سابق زمان فالآن أقول:إرحل. وسوء فهم بنكيران هو ناتج عن استصغاره، لكن الرجل يتحرك في إطار يشبه مجموعات البحث، حيث أجاب منهجيا ومنطقيا على ادعاءات أخنوش.
وأكد ما قلناه قبله بأن المحروقات استراتيجي وسيادي، وبنكيران ركز على هذه النقطة، عندما قال بأن المعلومة كان يعطيها للملك وليس لأخنوش تاجر المحروقات، والضربة القاصمة لظهر أخنوش هو أن الزعيم الإسلامي استشهد بتصريح لأمينة بنخضرا، مديرة المكتب الوطني للهيدروكابورات، التي قالت بأن المغرب كان يعرف أن الجزائر ستغلق أنبوب الغاز واستعد لذلك.
دعونا من صدق بنكيران، الذي يعلمه الله ولا دخل لنا فيه، لكن ألم يقل كلاما حقيقيا؟ وبغض النظر عن تبريره لإلغاء صندوق المقاصة لكن واجه أخنوش كتاجر للمحروقات بأنه هو ومن معه احتالوا على المنافسة كي يسترجعوا ما خسروه من إلغاء تعويضات الصندوق عن طريق الأرباح، أليس ذلك حقيقيا؟
وفي الأخير نتساءل نحن أيضا مع بنكيران: أين الجود الرمضاني أم أن الانتخابات ما زالت بعيدة؟ واين حق الله في زكاة أموال أخنوش البالغة مليارين من الدولارات؟