كان مرور ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، بمجلس النواب باهتا، ولم يقدم أجوبة مقنعة حول فتح الحدود وخلفيات بقائها مغلقة، رغم تطور الوضعية الوبائية، وهو وزير كان عليه تقديم جواب مقنع فدخل في التغطية على وجود الجواب بقراءة الأرقام التي تقدمها وزارة الصحة والحماية الاجتماعية كل يوم وفي نشرتها النصف شهرية، ولكن لماذا أغفل الوزير رأي اللجنة العلمية أو على الأقل ما هو معروف من خلال حديث بعض أعضائها؟
يبدو أن الحكومة لم تعد تعترف باللجنة العلمية وبموقفها باعتبارها القاعدة العلمية لاتخاذ أي قرار يتعلق بالإجراءات، التي ينبغي اتخاذها احترازيا لمواجهة جائحة كورونا، فرأي اللجنة اليوم هو أنه لم يعد هناك مبرر واضح لبقاء الحدود مغلقة، إذ تبين أن المغرب مر من الموجة الثالثة من الجائحة، وأقرت اللجنة العلمية أن مرحلة الذروة كانت الأسبوع الماضي، حيث ارتفعت الحالات بشكل تكاثري في عدد من الجهات، بل كل الجهات عرفت موجة مرتفعة من الإصابات.
إذا كانت اللجنة العلمية تُقر أن مرحلة الذروة مرّ منها المغرب، فيبقى إغلاق الحدود قرار غير مفهوم، غير أنه ليكن مفهوما أو غير مفهوم هو قرار مؤثر على شرائح كبيرة من المجتمع، بل هو قرار قاتل للاقتصاد الوطني، خصوصا الاقتصاديات المتوسطة والصغرى.
قد يكون وزير الخارجية لا يدري بما يجري ويدور داخل الحكومة، وهو ما زال منتشيا بما حققه المغرب من فتوحات ديبلوماسية، لم يكن فيها هو سوى الحلقة الدنيا باعتبار أن المجال محفوظ للمؤسسة الملكية، وهذا الانتشاء جعله ينسى أن هناك في الحكومة من هو مستفيد بشكل كبير من بقاء الحدود مغلقة، بل هناك من راكم ثروة كبيرة خلال هذه الجائحة.
المتضررون من إغلاق الحدود كثيرون والمنتفعون قلة، وما دامت الحكومة هي “تجمع للمصالح الكبرى” فهي أول مستفيد بما هي أشخاص ومكونة من رجال أعمال.
المتضررون هم صغار التجار ومتوسطهم، فالفاعل السياحي اليوم متضرر بشكل كبير وكل سلاسل الإنتاج في هذا المجال في طريقها إلى الإفلاس المبين، وعندما نتحدث عن السلسلة فهي تتكون من الفنادق الصغيرة والكبيرة والرياضات ودور الضيافة والمقاهي والمطاعم وشركات النقل السياحي والصناع التقليديون والباعة ومنشطو السياحة، هذا دون أن نذكر قطاعات أخرى مرتبطة أيضا بفتح الحدود.
لكن المستفيدون وهم القلة فيرغبون في بقائها مغلقة لأنه لا يوجد لهم منافس، فأخنوش مثلا يهيمن على حوالي النصف في قطاع المحروقات وبالضبط أربعون في المائة، وكثير من المرتبطين بالحكومة يسيطرون على قطاعات التصدير والاستيراد وبالتالي هم لم يتضرروا من إغلاق الحدود بل تتضاعف أرقام معاملاتهم كثيرا.
إذا كانت اللجنة العلمية مجرد ديكور فلا داعي لبقائها، مع العلم أن كل الدول “تسمع” كلام اللجنة العلمية، وإذا رفضناه على مستوى الحكومة فلا داعي لمواجهة الأخبار الزائفة حول كورونا.