الدكتورراحمد درداري*
قدم جلالة الملك خطابا بمناسبة افتتاح الدورة الاولى من السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية الحادية عشرة وذلك يوم الجمعة 11 اكتوبر 2024 ابرزمن خلاله حال ومآل القضية الوطنية الاولى كما يلي:
٠ مقاربة العهد الجديد الاولى لقضية الصحراء.
ان المقاربة الاولى التي ميزت العهد الجديد هي الانتقال بالقضية الوطنية من مرحلة التدبير، إلى مرحلة التغيير، داخليا وخارجيا، في كل أبعاد ملف الصحراء. والانتقال وفق رؤية واضحة ، و استعمال كل الوسائل والإمكانات المتاحة، حيث تم التعريف بعدالة موقف المملكة المغربية، وبحقوق المغرب التاريخية والمشروعة في الصحراء ، رغم السياق الدولي الصعب و المعقد. وكان من نتائجها ذلك ازهاق الباطل وإظهار الحق، انطلاقا من ان الحق يعلو ولا يعلى عليه، والقضايا العادلة تنتصر دائما.
– مؤشرات فشل المؤامرة الخصوم.
ان اعتراف فرنسا بسيادة المملكة المغربية على كامل تراب الصحراء، ودعمها لمبادرة الحكم الذاتي، في إطار الوحدة الترابية المغربية، كأساس وحيد لحل هذا النزاع الإقليمي المفتعل، يمثل نصرة واضحة لعدالة قضية الصحراء المغربية. وبهذا التطور الإيجابي، ينتصر الاعتراف الفرنسي للحق والشرعية، ويعترف بالحقوق التاريخية للمغرب، لاسيما وأن فرنسا دولة كبرى، وهي عضو دائم بمجلس الأمن، وفاعل مؤثر في الساحة الدولية. وان اعترافها مبني على معرفتها الدقيقة بحقيقة وخلفيات هذا النزاع الإقليمي المفتعل. ويأتي اعترافها في ظرفية دقيقة مدعما للجهود المبذولة، في إطار الأمم المتحدة، ومكرسا لإرساء أسس المسار السياسي، الذي يفضي إلى حل نهائي وطي هذه القضية، في إطار السيادة المغربية.
– اعتراف فرنسا هو انقلاب على صنيعتها الجزائر .
يأتي الموقف الفرنسي في إطار الدينامية الإيجابية، التي تعرفها مسألة الصحراء المغربية، والتي ترتكز على ترسيخ سيادة المغرب على ترابه، وعلى توسيع الدعم لمبادرة الحكم الذاتي، مما يعني ان فرنسا خرجت من المنطقة الرمادية واللعب على الحبلين منهية معه تلاعب الخصوم الذين صنعتهم بيدها او ولدوا من رحم الاستعمار واصبح النظام العسكري الجزائري بدون ملاذ تاريخي ولا سياسي ولا قانوني.
– اعتراف فرنسا وامريكا دلالة على جدية الاعتراف بعدالة القضية.
يمثل كسب اعتراف دول وازنة، ودائمة العضوية في مجلس الأمن، كالولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، دليل على ان الموضوع ارتقى من تلاعب الدول المارقة بالنزاع الى نظر الدول الكبرى والاولى من حيث التصنيف العالمي، ذلك ان الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن من ورائها عدد كبير من الدول الموالية والتي تؤيدها في مواقفها.
٠ التزام الدول الشقيقة بمناصرة وحدة المغرب الترابية.
توجد ضمن هذه القائمة مجموعة من الدول العربية والإفريقية الشقيقة، التي تساند، بكل وضوح والتزام، الوحدة الترابية للمملكة، لاسيما تلك التي فتحت قنصليات لها في العيون والداخلة، وهي صامدة في مواجهة مؤامرات الخصوم والأعداء وتلتزم بالمعالجة الحصرية للامم المتحدة.
– اهمية اعتراف الدول الصديقة.
من بين الدول التي انتقلت من مرحلة التوتر والتوجس من حسن الجوار نجد إسبانيا التي اصبحت صديقة وشريكة للمغرب بعدد من الاتفاقيات ووسائل التعاون في محالات كثيرة، وجاء اعترافها بمغربية الصحراء لكونها تعرف خبايا هذا الملف، بما يحمله موقفها من دلالات سياسية وتاريخية عميقة، ومعها مواقف أغلبية دول الاتحاد الأوروبي التي بمواقفها ناصرت قضية المغرب الأولى وبقية الدول التي تتعامل اقتصاديا واستثماريا، مع الأقاليم الجنوبية للمملكة، كجزء لا يتجزأ من التراب الوطني. و تواكب بذلك مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التي تشهدها الصحراء المغربية، وتعزز موقعها كمحور للتواصل والتبادل بين المغرب وعمقه الإفريقي. و تضعها في صلب المبادرات القارية الاستراتيجية، التي أطلقها جلالة الملك ، كمشروع أنبوب الغاز المغرب – نيجيريا، ومبادرة الدول الإفريقية الأطلسية، إضافة إلى مبادرة تمكين دول الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي.
– المقاربة الجديدة للتصدي لمناورات الخصوم.
رغم كل ما تحقق من مكتسبات و تقدم، فإن المرحلة المقبلة تتطلب من الجميع، المزيد من التعبئة واليقظة، لمواصلة تعزيز موقف المغرب، والتعريف بعدالة قضيتنا، والتصدي لمناورات الخصوم. ويجب شرح أسس الموقف المغربي، للدول القليلة، التي ما زالت تسير ضد منطق الحق والتاريخ، والعمل على إقناعها، بالحجج والأدلة القانونية والسياسية والتاريخية والروحية، التي تؤكد شرعية مغربية الصحراء. وهو ما يقتضي تضافر جهود كل المؤسسات والهيآت الوطنية، الرسمية والحزبية والمدنية، وتعزيز التنسيق بينها، بما يضفي النجاعة اللازمة على أدائها وتحركاتها.
– النخبة البرلمانية والحزبية المختصة و الكفأة امام الامتحان الجديد حول القضية الوطنية.
وجه جلالة الملك توجيها للبرلمانيين يقضي ضرورة النهوض بالدور الفاعل للدبلوماسية الحزبية والبرلمانية، لكسب المزيد من الاعتراف بمغربية الصحراء، وتوسيع الدعم لمبادرة الحكم الذاتي، كحل وحيد لهذا النزاع الإقليمي. ودعا إلى المزيد من التنسيق بين مجلسي البرلمان بهذا الخصوص، ووضع هياكل داخلية ملائمة، بموارد بشرية مؤهلة، مع اعتماد معايير الكفاءة والاختصاص، في اختيار الوفود، سواء في اللقاءات الثنائية، أو في المحافل الجهوية والدولية.
– المقاربة التشاركية والجهود المشتركة عنوان الوحدة الوطنية الترابية.
بالنظر الى ما تحقق من مكاسب، على درب الترافع المستميت، وما تعرفه الأقاليم الجنوبية من تنمية اقتصادية واجتماعية، تحقق بفضل تضامن جميع المغاربة، وتضافر جهودهم، في سبيل ترسيخ الوحدة الوطنية والترابية.
فالجهود التي تبذلها الدبلوماسية الوطنية، ومختلف المؤسسات المعنية، وكل القوى الحية، وجميع المغاربة الأحرار، داخل الوطن وخارجه، في الدفاع عن الحقوق المشروعة لوطنهم، والتصدي لمناورات الأعداء عربون على الرأسمال الوطني الترابي.
٠ ابناء الاقاليم الجنوبية نماذج في الروح الوطنية والدفاع عن الوحدة الترابية.
سكان الصحراء يعبرون عن ولائهم الدائم لوطنهم، وعلى تشبثهم بمقدساتهم الدينية والوطنية، وتضحياتهم في سبيل الوحدة الترابية للمملكة واستقرارها. وهم شركاء في الترافع و الدفاع عن مغربية الصحراء عبر النخبة المرموقة لتكذيب لكل ادعاءات الخصوم، وهم ممثلون لوطنهم دبلوماسيا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا رجالا ونساء برابط الوحدة الوطنية الترابية.
*رئيس المركز الدولي لرصد الازمات واستشراف السياسات