شددت المديرية العامة للأمن الوطني، على أن المصالح الأمنية المغربية حريصة على تنويع المقاربات في مكافحة الإرهاب، موضحا أن “استراتيجية المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني ركزت على الناشئة في المدارس وعلى مستوى الثانويات والجامعات من خلال المحاضرات والاتفاقيات مع وزارة التربية الوطنية والجامعات والمدارس العليا لتحصين الناشئة والطلاب من الفكر المتطرف والإرهاب”.
وأكد الدخيسي “الآن كما يعلم الجميع على مستوى الجرائم السيبرانية المنظمات الإرهابية تستغل التطور التكنولوجي لاستقطاب الناشئة”، وهو ما تواجهه السلطات المغربية بعمل جبار في مجال الوقاية من التطرف والارهاب “فمنذ 2002 إلى اليوم المصالح الأمنية المغربية قامت بتفكيك 218 خلية إرهابية وأجهضت 500 مشروع إرهابي“.
وقال محمد الدخيسي المدير المركزي للشرطة القضائية، الملتقى العلمي حول الثقافة والفنون ودورها في مكافحة الجريمة والتطرف المنظم، بمقر منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة بالرباط، أن إعادة هيكلة الحقل الديني من بين نقاط القوة التي تنبني عليها إستراتيجية المملكة في مكافحة الفكر والخطاب المتطرف ورد الاعتبار للقيم الدينية الروحية والإنسانية، وذلك عبر الدعوة إلى تبني إسلام ،وسطي، تحت راية مؤسسة إمارة المؤمنين.
وأوضح الدخيسي، أن هذه المؤسسة المتجذرة في نفوس وقلوب المغاربة تعتبر بمثابة اللحمة التي تجتمع حولها كل مكونات المجتمع المغربي بكل أطيافه وتشكلاته، وتجعل من الملك محمد السادس، الضامن الفعلي والوحيد للأمن الروحي والديني والساهر على إرساء مبادئ الإسلام السني، من خلال ترأس جلالته للمجلس العلمي الأعلى، المؤسسة الوحيدة التي يرجع إليها أمر إصدار الفتاوى بالإضافة إلى مجهودات الدبلوماسية الدينية التي انتهجها المغرب والموجهة بالأساس لدول الجوار التي يتهددها التطرف الديني.
وذلك عبر المساهمة في إعداد برامج التكوين ونشر تعاليم الدين الإسلامي الحنيف عبر بثها في قنوات تلفزية وإذاعية من طرف الأئمة والخطباء والوعاظ، بالشكل الذي يسهل على المتلقي فهم معاني وأسرار الدين الإسلامي الصحيح.
وأكد ، الدخيسي، أن الجماعات المتطرفة والإرهابية تنبذ الأفكار المغايرة والجديدة المستقاة من الفنون والآداب كالسينما والمسرح والإنتاج الشعري والقصصي، والغناء، وتؤمن بتلك التي توافق إيديولوجيتهم وقد حاولت هذه الجماعات المتطرفة صنع فن خاص بها الذي جاء سطحيا بلا عمق ووعظيا لا يراعي شروط ومضامين الفن.
ولمواجهة هذا التطرف، أوضح المدير المركزي للشرطة القضائية، أن المغرب قام، بوضع قوانين جديدة تتماشى مع التشريعات الدولية وخصوصياتها ونذكر هنا القانون رقم 03.03 المتعلق بمكافحة الإرهاب المتمم والمعدل بمقتضى القانون رقم 84.16 المتعلق بظاهرة المقاتلين الإرهابيين الأجانب، إلى جانب ذلك قام المشرع المغربي بسن قانون رقم 43.05 المتمم والمعدل بمقتضى القانون رقم 12.18 المتعلق بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، مع إحداث هيئات وطنية جديدة تعنى برصد المعاملات المالية ،المشبوهة وتطبيق قرارات الأمم المتحدة بشأن مكافحة الإرهاب.
إلى جانب هذا، أعطت المملكة المغربية أهمية كبيرة للمحور الحقوقي والأمني وذلك، عبر تعزيزه بموارد بشرية ولوجيستيكية، إضافة إلى إحداث مجموعات أمنية جديدة ووضع مخطط عمل وطني يحقق الرؤية الملكية السامية الرامية إلى تعزيز الحكامة الأمنية الجيدة، طبقا للمقتضيات الجديدة للدستور ووفق مبادئ دولة الحق والقانون، إذ تم توقيع عدة شركات بين وزارة الداخلية، والمديرية العامة للأمن الوطني، والمجلس الوطني الحقوق الإنسان.
وفي ظل التحولات المتواترة لخريطة الإجرام المتنامي في المحيط الإقليمي والدولي، والذي تشكل الجريمة المنظمة عبر الوطنية أحد ملامحه الأساسية، دعا محمد الدخيسي المدير المركزي للشرطة القضائية، جميع الدول لتكثيف الجهود على جميع الأصعدة، للتصدي بفعالية لهذه المخاطر التقليدية منها والمستجدة والتي لا يمكن مواجهتها بالاعتماد حصراً على قدراته الذاتية وفي نطاق حدوده الجغرافية الضيقة، خصوصا تلك المتعلقة بالتطرف والإرهاب.
من جهته أوضح وكيل جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية للعلاقات الخارجية خالد الحرفش أن تنظيم الملتقى يأتي إدراكًا من الجامعة لكون الفن أحد أهم المسارات الداعمة لجهود مكافحة الجريمة والإرهاب، ودعم التعايش السلمي بين الأفراد والشعوب وعلاجًا ناجحًا في مواجهة التطرف، شريطة سموه فوق موجات الضحالة التي تفرغه من قيمته الجمالية، كما أن الطابع العالمي للفن هو دعوة ضمنية للتسامح والتقارب الحضاريين.
وأضاف: “أن الجامعة انطلاقاً من كونها الجهازَ العلمي لمجلس وزراء الداخلية العرب والجهة الموكل إليها تنفيذُ الإستراتيجياتِ والخطط العربية الأمنية، ومنها الخطةُ الإعلاميةُ العربيةُ للتوعية الأمنية والوقايةِ من الجريمة، و الخطط المرحلية لبنود الإستراتيجية العربية لمكافحة الإرهاب التي أقرها مجلس وزراء الداخلية العرب، فإنها تهدف من خلال برامجها الأكاديمية والتدريبية والبحثية، لترجمة هذا الاهتمام بموضوع الإعلام ودوره في مكافحة الإرهاب إلى واقع ملموس يسهم في تعزيز مفهوم الأمن الفكري الذي يعد أحد أولويات برامج الجامعة، فهو حجر الزاوية للأمن في إطار منظومة الأمن العام في المجتمعات الإنسانية.
ويناقش الملتقى في يومه الأول أوراقًا علمية في إطار محاوره حول موضوعات (إستراتيجية المملكة المغربية لمكافحة التطرف والإرهاب)، و(استخدام المسرح لإشراك الطلاب والمعلمين في تعزيز سيادة القانون: برنامج “التعليم من أجل العدالة” التابع لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة)، و(دور الفن الهادف في مكافحة الجريمة والتطرف والإرهاب وتعزيز الولاء والانتماء للوطن)، و(برامج التأهيل ودورها في الاندماج المجتمعي)، و(فكرة تواصل الحضارات كمقدمة لمقاومة النزعات الدينية المتطرفة)، و(الرعاية اللاحقة للمفرج عنهم)، و(المقاربة الفنية نهج لتغيير السلوك)، و(دور المؤسسات الثقافية والفنية في الوقاية والحد من الجرائم)، و(فن الحكي في المؤسسات الدينية ودوره في مكافحة الارهاب الفكري)، (مبادرة حق الطفل)،
و(الأنثروبولوجيا الثقافية في قلب الحوار والتعايش بين الحضارات)، (الموسيقى في التطرف والجريمة والمصالحة)فيما تستأنف الجلسات على مدار اليومين القادمين بأوراق عمل أخرى يشارك فيها خبراء وباحثون مختصون عرب ومن دول ومنظمات عالمية.
يشار إلى أن الملتقى يهدف إلى التعريف بوظيفة الأعمال الفنية والثقافية في مجالات مكافحة الجريمة وإعادة تأهيل ذوي السوابق الإجرامية والإرهابية لتسهيل إعادة دمجهم في المجتمع،
إضافة إلى إبراز أهمية المحتويات الثقافية والفنية في دعم التعايش بين الأفراد والشعوب والحضارات في مكافحة الإرهاب والتطرف، واستعراض أفضل الممارسات والتجارب العربية والإقليمية والدولية في هذا المجال.
يذكر أن جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية وفي إطار تنفيذها للإستراتيجياتِ والخطط العربية الأمنية، ومنها الخطةُ الإعلاميةُ العربيةُ للتوعية الأمنية والوقايةِ من الجريمة، و الخطط المرحلية لبنود الإستراتيجية العربية لمكافحة الإرهاب التي أقرها مجلس وزراء الداخلية العرب، فإنها تهدف من خلال برامجها الأكاديمية والتدريبية والبحثية، لترجمة هذا الاهتمام بموضوع الإعلام ودوره في مكافحة الإرهاب إلى واقع ملموس يسهم في تعزيز مفهوم الأمن الفكري الذي يعد أحد أولويات برامج الجامعة، فقد ناقشت من خلال كلياتها 99 رسالة ماجستير ودكتوراه، وعقدت 20 لقاءً ومؤتمرًا علميًا، ونظمت 29 برنامجًا تدريبيًا، و15 محاضرةً، بالإضافة إلى إصدار 38 إصدارًا علميًا محكمًا و120 بحثًا ومقالًا من خلال دورياتها العلمية والإعلامية كما شاركت في 12 فعالية إقليمية ودولية في هذا المجال.