في لحظة تختلط فيها المشاعر بين فرحة الأب وصرامة المدرب، ظهر نبيل باها، قائد سفينة منتخب المغرب لأقل من 17 سنة، بوجهين في آن واحد، بعد التأهل الصعب إلى نهائي كأس أمم إفريقيا.
بين من لا يستطيع النظر إلى ركلة ترجيحية يسددها فلذة كبده، وبين من يُحسن توجيه فريق كامل في خضم معركة كروية شرسة، أثبت باها أنه رجل المرحلة.
المنتخب المغربي تجاوز خصما عنيدا، منتخب كوت ديفوار، في مباراة حبست الأنفاس. لم تكن مجرد مباراة نصف نهائي، بل كانت اختبارًا صعبًا للروح الجماعية والانضباط التكتيكي، وهي العناصر التي بنى عليها باها فلسفته التدريبية منذ توليه المهمة.
“كنت واثقًا من فريقي.. ومن حارسي بلعروش”
هكذا لخص باها ثقته في مجموعته، وبالأخص في حارسه المتألق بلعروش، الذي كان صمام الأمان طيلة اللقاء، وخصوصًا في ركلات الترجيح التي حسمت مصير التأهل. ولم يخف باها صرامته معه، حيث أكد أنه كان شديدًا عليه، مطالبًا إياه بالتخلي عن أسلوبه مع ناديه والاندماج في النسق الوطني، وهو رهان أتى أكله في الوقت المناسب.
لكن المشهد الإنساني الأبرز، كان حين تحدث عن ابنه زياد باها، الذي سدد إحدى الركلات الترجيحية: “آثرت أن لا أتابع ركلته.. أنا أب في النهاية، وكنت خائفًا أن يضيعها”، قالها بنبرة جمعت بين الحب والتوتر، مؤكدا أنه حاول تحفيزه في الحصة التدريبية الأخيرة عبر تمرين نفسي أكثر من كونه بدنيا.
النهائي أمام مالي.. مهمة جديدة ولكن بنفس الروح
الوصول إلى النهائي لم يكن مفاجأة بالنسبة لباها، بل هو ثمرة عمل طويل وجهد متواصل، رغم صعوبة المسار أمام منتخبات قوية. ورغم تفوق مالي على بوركينا فاسو، يؤمن مدرب الأشبال بأن فريقه مستعد، خصوصا وأن النهائي يُلعب على أرض المغرب، وبين جماهيره، ما قد يصنع الفارق.
ويضيف باها أن تواصله المستمر مع المدرب السابق سعيد شيبا منحه نظرة أعمق على المنافسات القارية، مؤكدا أن النهائي المرتقب سيكون مختلفًا عن سابقيه، لما يحمله من رمزية وتحدي.
قيادة صغار السن.. تحدٍ من نوع خاص
في حديثه، لم يُخف باها الصعوبات المرتبطة بقيادة لاعبين لم ينضجوا بعد كرويا أو ذهنيًا، لكنه أكد أنه يعتمد على تجربته كلاعب سابق في أوروبا والمنتخب الوطني، لنقل رسائل تتجاوز التكتيك إلى القيم الجماعية وروح المجموعة. “النجاح لا يأتي من نجم واحد، بل من فريق متماسك”، يقول باها، واضعًا بذلك بصمته على جيل يبدو أنه سيحمل المشعل قريبًا.