تراجع معدل التضخم في المغرب خلال شهر مارس الماضي إلى 1.6%، مقارنة بـ2.6% المسجلة في شهر فبراير، وفقًا للبيانات الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط. ويأتي هذا التراجع في سياق تخفيف الضغوط التضخمية التي أثرت على القدرة الشرائية للمواطنين خلال الأشهر الماضية، لا سيما على مستوى أسعار المواد الغذائية.
وكشفت المندوبية في مذكرتها الشهرية أن هذا الانخفاض يعود بالأساس إلى تراجع أسعار عدد من المواد الغذائية، وفي مقدمتها اللحوم التي انخفضت بنسبة 4.7%، والحليب والجبن والبيض بنسبة 2%. في المقابل، سجلت أسعار المواد الغذائية ككل ارتفاعًا نسبته 2.2%، بينما ارتفعت أسعار المواد غير الغذائية بنسبة 1.1%.
وفي ما يخص التغيرات حسب الفئات، أبرزت المذكرة أن أسعار قطاع “النقل” تراجعت بنسبة 2.4%، في حين ارتفعت أسعار “المطاعم والفنادق” بنسبة 3.9%، ما يعكس تباينًا في دينامية الأسعار داخل القطاعات الاستهلاكية المختلفة.
تفاوتات مجالية في مستوى التضخم
على المستوى الجهوي، سجلت مدينة كلميم أعلى نسبة انخفاض في الأسعار بـ1.8%، تليها العيون بـ1.5%، ثم الداخلة بـ1.1%. كما تم تسجيل تراجعات متفاوتة في مدن سطات، الرشيدية، بني ملال، تطوان، ومراكش، من بين مدن أخرى.
هذا التراجع المتفاوت في الأسعار يعكس طبيعة التوزيع المجالي للأسواق وتفاوت العرض والطلب حسب الجهات، فضلًا عن ارتباط بعض المواد الأساسية بعوامل ظرفية متعلقة بالموسمية وسلاسل التوريد.
التضخم الأساسي ينخفض رغم ضغوط سنوية
وسجل التضخم الأساسي، الذي يستثني المواد ذات الأسعار المحددة والمواد شديدة التقلب، انخفاضًا شهريًا قدره 0.6%، رغم تسجيله ارتفاعًا سنويًا بـ1.5% مقارنة بشهر مارس من العام الماضي. ويعكس هذا المؤشر توجّه الأسعار على المدى المتوسط، ويُعد مرجعًا رئيسيًا لاتخاذ قرارات السياسة النقدية.
سياسة نقدية مرنة لمواجهة التباطؤ
وكان بنك المغرب قد اتجه خلال الشهر الماضي إلى خفض سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 25 نقطة أساس، ليبلغ 2.25%، في خطوة هي الثالثة من نوعها منذ يونيو الماضي. وتأتي هذه الخطوة في ظل رغبة المؤسسة النقدية في تحفيز الاقتصاد الوطني، ومواجهة تباطؤ النمو من خلال تسهيل تمويل الاستثمار وتعزيز الاستهلاك.
وبرر البنك قراره بتوافر “معطيات محينة” حول تحسن المؤشرات الاقتصادية، مع تعهده بمواصلة تتبع الظرفية الاقتصادية عن كثب، واتخاذ الإجراءات الملائمة بحسب تطورات السوق.
آفاق التضخم في الأشهر المقبلة
ويُتوقع أن تواصل الضغوط التضخمية تراجعها خلال الأشهر المقبلة، مدفوعة بتراجع أسعار عدد من المواد الأساسية، واستمرار تدخل الدولة من خلال دعم بعض المواد، فضلًا عن أثر قرارات السياسة النقدية التيسيرية التي بدأت تعطي ثمارها.
غير أن مراقبين يحذرون من التأثيرات غير المباشرة للتقلبات الدولية في أسعار الطاقة والغذاء، والتي قد تعيد تحريك منحنى التضخم صعودًا، ما يستدعي يقظة متواصلة على مستوى الضبط المالي والنقدي.