ظهرت وسط حزب العدالة والتنمية حركة أو حراك يروم حسب الظاهر إصلاح الوضع أو العودة به إلى ما قبل 2016، لكن المتتبع لمسار الحزب الإسلامي لا يمكن أن يقف عند ظاهر القول والعمل ولكن لابد أن يغوص في الداخل، ونشير بداية إلى أنه فعلا هناك بعض الأعضاء في الحزب يتحركون من موقع مبدئي وفق فهمهم لآليات اشتغال الحزب، وهؤلاء فئة ممن لم يعايش بتاتا التحولات التي عرفتها “الجماعة الإسلامية”، التي هي جوهر هذا الحزب، الذي يبدو بهذه الصورة اليوم.
الحديث عن حركة تصحيحية، فيه جزء من الحقيقة وكثير من اللعبة، التي أتقنها الحزب، ومنذ توليه الحكومة ظل أعضاؤه يمارسون خطابا معارضا، وكثير من الناس يعتبر ذلك خلافا في الرأي وسط الحزب. الخلاف قائم في كل حزب، ووسط الحزب الإسلامي أيضا لكن ليس في هذا المستوى، خصوصا بعد كثرة المصالح التي تهاطلت عليه مباشرة بعد مرحلة “التمكين” بتعبير الوزير رباح شافاه الله، ولكن ما يبدو خلافات حول تدبير الشأن العام ليس هذا المقصود منه.
الخلاف اليوم ليس بالمستوى الذي يعتقده البعض حركة تصحيحية، وإن كان من داخل هذه الحركة من يعتقد ذلك، ولكنه محاولة للهروب من المحاسبة الجماهيرية على قاعدة البرنامج الانتخابي أو على أساس ومعيار عناوينه الكبرى، وعلى مقربة من الانتخابات تخرج حركة تصحيحية، التي لن تكون سوى الحزب، لكن تحمل المسؤولية لمن كان في الحكومة، ويخرج الحزب من باب واسع.
بعد أن تتم الاستجابة لمطالب “الحركة التصحيحية” سنكون أمام حزب العدالة والتنمية بوجه مختلف، وبالتالي لن يتحمل مسؤولية سوء تدبير الشأن العام وفشله في إدارة الأزمة الحالية، وسيتم تحميل كامل المسؤولية للقيادة قبل المؤتمر الاستثنائي، لكن بالنتيجة سيعود حزب العدالة والتنمية بصفحة بيضاء.
قلنا في وقت سابق إن حزب العدالة والتنمية لما يكن المستقبل أمامه واضحا يكون على قلب رجل واحد، لكن لما يكن المستقبل غامضا لا يضع بيضه في سلة واحدة، وبالتالي هو يوزع البيض على سلال متعددة أو سلتين على الأقل. هكذا رأينا لما ظهرت حركة 20 فبراير، قال بنكيران أنا لا يمكن أن أتبع “الطبالة”، لكن في المقابل كان قادة من الحزب مثل العثماني والرميد وحامي الدين وبعض الشباب وسط الحركة.
لا شيء يضع عند الحزب، كالعائلة الموجودة في كل التيارات، فهو في الحكومة ويمارس قادته خطاب المعارضة، ليس خلافا ولكن تلبيسا على الناخب، الذي لا يستطيع التمييز، ويبدو أنهم يدخرون بنكيران لمرحلة الخطابات الشعبوية فهل يعود من باب الحركة التصحيحية؟ في الأفق من الصعب ذلك لأن صورته عند كثير من المواطنين مخربة، لكن كل شيء محتمل.
لماذا بقيت الحركة التصحيحية كامنة طوال هذه المدة وظهرت اليوم؟ في الخلاصة نقول إنها مجرد محاولة لتحريف محاسبة الحزب من محاسبة جماهيرية إلى محاسبة داخلية.